معرض المواضيع

السبت، 14 مارس 2015

أحدثت تصريحات المفكر التونسي محمد الطالبي ضجة كبيرة بتونس بعد ظهوره الإعلامي بعديد البرامج التونسية وإعلانه أنّ القران لا يحرّم شرب الخمر نذكر أن جمعية المسلمين القرانيين قد أصدرت الشهر الفائت بيانا حول جواز شرب الخمر ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينشغل المجتمع التونسي بتصريحات محمد الطالبي أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية والذي يقدّم نفسه مسلما قرانيا يستلهم من القران الأحكام غير ابه بقراءات شيوخ السنة والشريعة .

وكانت ردّات الفعل متفاوتة بين القبول و الصدمة من المجتمع التونسي الذي إنشغل بالتصريحات النارية للدكتور محمد الطالبي فشق من الناس يعتبر الطالبي كافرا زنديقا وأنّ تصريحاته تساعد في نشر الفساد الأخلاقي وشقّ اخر يعتبر أن محمد الطالبي أشعل الشرارة الأولى للثورة الفكرية التي تأخرت كثيرا في المجتمعات الإسلامية التي ساعدت بمؤسساتها الفقهية في خنق العقل النقدي بطرق عدّة كعزل صاحبه وتكفيره وصولا إلى قتله والتنكيل به .

لعبت الشريعة الإسلامية دورا مهما في تكوين شخصية المسلم فهي ساهمت في تحديد وضبط حدود العقل الإسلامي الذي لا يستطيع التحليق خارج حدود الشريعة ، نذكر أنّ الشريعة مستندة أساسا على الأحاديث النبوية والتي كتبت إنطلاقا من القرن الثالث للهجرة وهو ما يعتبره القرانيون مفتقدة للصحة خاصة تلك التي لا تتوافق مع النص القراني فالمسلم مستسلم بطبعه للنصوص والشيوخ وينكر كل تقدّم أو تطوّر في فهم النص المقدّس بل ويذهب إلى رفض كل مستحدث وقد شهد التاريخ الإسلامي حوادث إعدام بترحاب العامة بحق العديد من المفكرين بتهمة الردّة والكفر .
جاءت تصريحات محمد الطالبي في مجتمع ذو غالبية مسلمة صحيح أنّه لا يشبه غيره من المجتمعات الإسلامية المنغلقة إذ يتمتع المجتمع التونسي بهامش حرية عن غيره من المجتمعات الإسلامية الأخرى ولكنّه يبقى رهين الفكر المنغلق بشأن المسألة الدينية وقد إنعكس هذا على ردّات الفعل تجاه التصريحات الأخيرة ليصطف المسلم العادي إلى جانب الشيوخ في تكفير الطالبي وإن كان ضمنيا وغير مصرحا به ولكن يبقى الإستهجان والتبرؤ من الطالبي شكلا دفاعيا عن المنظومة المنغلقة على نفسها والتي تخاف فتحها من الخارج .
رغم الجدل القائم في تونس حاليا حول تصريحات الطالبي بشأن تحليل الخمر والبغاء إلا أنّي أعتبره خطوة إيجابية في طريق الدراسة والتمحيص وإعادة النظر في التراث الإسلامي وفي 14 قرنا من المعرفة الإسلامية فتحليل الخمر والبغاء خطوة أولى لفتح ملفات عالقة وشائكة حول علاقة الدين بالحرية خاصة وأنّ الإسلام الدموي يعود من جديد في ليبيا وسوريا والعراق وما يفعله التنظيم الأكثر دموية داعـــش في العصر الحديث من إساءة للذات الإنسانية ، فالطالبي هنا قد ضحى بصورته ربّما كما يعتقد كثيرون ولكنّه قدّم نفسه فداء للمعرفة النقدية وإعادة النقد في تراثنا الإسلامي الذي لم تطاله العقول وبقي مخزونا لا شعوريا يعتمد أساسا على أحاسيس والمخزون العاطفي للمسلم لا على عقله .
إنّ الطالبي وجمهور المؤيدين له رغم الإختلافات الفكرية يساهمون عن وعي لثورة فكرية ستعصف بعروش الشيوخ الحاكمين لهذه المجتمعات فالحاكم العربي لا يستطيع البقاء دون تزكية الشيخ كما هو الحال في بلدان الخليج وكما بدأت تونس أول الثورات السياسية في العالم العربي ربما ستساهم أيضا في إندلاع الثورة الثقافية التي بدونها لن تتقدم مجتمعاتنا .
كتبت خولة الفرشيشي

اقرأ المزيد Résuméabuiyad

والـــــــــرجل أيضا ضحية

يقول لوركا : ” ما الإنسان دون حرية يا ماريانا ؟ ..
قولي لي
كيف يمكن أن أهبك قلبي إن لم يكن ملكي ….
كيف يمكن أن أحبّك إن لم أكن حرّا
كم من الرجال صرحوا بهذا وهم يتركون حبيباتهم لأنهن لسن على مقاييس المجتمع ومجرد الزواج بهن يشكلّ تحدّيا للمجتمع وقوانينه الذي سينبذهم إن خرجوا عن الخطوط التي رسمها وضبطها فالرجل مسلوب الحرية ممنوع من الإختيار .. ،نعم الرجل أيضا ضحيّة المجتمعات الذكورية لأنّه فقد حرية إختياره ولا يقدر على مواجهة الموروث الثقافي فإختار الطريق السهل إستعباد المرأة حتى يثبت رجولته في مجتمع يؤمن أن الرجولة تنطلق أساسا من إستعباد النساء اللواتي لا يتذكر حقوقهن أحد سوى في مناسبات كرنفالية لا غير .
تتوجه الأنظار إلى المرأة في عيدها العالمي 8 مارس أو في عيدها الوطني 13 أوت من كلّ سنة وتبدأ الأقلام في إدانة الرجل وكيل كلّ الإتهامات بشأن إستعباد المرأة وإضطهادها في المجتمعات الذكورية .. دون أن يخطر ببال أحد أنّ الرجل ضحية هذه المجتمعات وثقافتها وأن تحرير الرجل تحرير للمرأة وطريق الحرية يبدأ أساسا من توجيه سهام النقد إلى الثقافة ومعاييرها الإنتقائية الظالمة .  
يولد الرجل في المجتمعات الذكورية وسط فرحة زائدة عن مقدم المولود الأنثى ، مع ولادته تنصب الخيام وتقام الولائم ، يكبر مع أمّ تعلمه في كلّ لحظة إحتقار الأنثى مراقبتها وضبط حركاتها فهي عاره إن خرجت عن المعايير الإلزامية لثقافة القبيلة والمجتمع فهو الذي سيحمل ذنبها ولا راحة إلا بموتها .. ينشأ الرجل في مناخ الدم فمن العادي أن يقتل أخته ويبارك الأب والأمّ هذه الجريمة فتسمى جرائم شرف  شرف الذكر يبدأ أساسا من سمعة البنت وما بين فخذيها فسمعة الفتاة تبدأ من رضوخها لقوانين المجتمع وإنضباطها الكلّي له ، والرجل في مجتمعاتنا إن دلل زوجته وترك لها الحرية في أخذ القرارات المصيرية فهو ضعيف وتافه ومسحور وذو شخصية ضعيفة  والرجل الذي يترك الحرية لأخواته كما يعيشها ليس رجلا بل هو عبد الشيطان ووساوسه يفرط في شرفه بسهولة  ولا يستحق لقب رجلا الذي يعتبر شرفا كبيرا في مجتمعات الذكورة .
وينشأ الرجل في بيئة تميّزه عن البنت وأول ما يبدأ التمييز يبدأ بالأكل الأفضل كاللحمة الكبيرة التي تحرم منها الإناث لتوضع أمام الرجل فاثقافة الغذائية أيضا لصالح الرجل فهو عمود كلّ الأشياء ودونه لا تستقيم الحياة وتميّزه بالحرّية الزائدة عن حرية البنت فيدخل متى شاء ويخرج متى شاء وحين تفتح الفتاة فمها مطالبة ببعض الحرية التي تمتع بها الأخ تخرس وتهان : ” ماك إلا مرا وماهو إلا راجل .. والرجل لا يعيبه شيئ ” … ويعيش في مجتمع يغفر له كل المساوئ والشرور التي إرتكبها بمجرّد لحية تجبّ ما سبق فهي تعيد الثقة بينه وبين المجتمع فلحية الرجل في هذه المجتمعات شهادة شرف تؤهله لنيل رضى الجميع وتؤهله أن يبدأ حياته من جديد حتى ولو خاض أشنع التجارب في عرف المجتمع وهذا يعتبر حظوة لا تتمتع بها الفتاة التي خرجت عن أعراف القبيلة فللأسف ليس لها لحية تؤسس بها لعهد جديد يغفر لها ما سبق .
أولّ من يعلّم الولد أو الرجل أبجديات العنصرية وكره النساء هن النساء أنفسهن أقصد الأمهات فهن يتبارين في حشو أدمغة أولادهن بكلّ القيم الذكورية من قبيل أنت من يحافظ على شرف العائلة راقب أخواتك جيّدا إيّاك أن تتراخى مع النساء فهن أخوات الشيطان ، فهناك نساء أيضا تستبطن دونيتهن قبل أن يقرّ بهذا الرجل ويرجع هذا أساسا الفكرة التي يرتكز عليها المجتمع الذكوري وهي أولّ مقومات وجوده وتجدده هي الفكرة الدينية التي تروي خطيئة ادم والتي كانت سببها حواء وإنطلاقا من تلك الأسطورة الدينية بدأ العمل في تكبيل المرأة وإستغلالها لصالح الرجل طواعية وكأنّ رضائها بهذا الظلم والقهر تكفير عن خطايا حوّاء والتي تحملت أوزارها كل نساء المجتمع الذكوري وتلقين الرجل إبنها أصول إستعباد النساء يدخل أساسا في التكفير عن الخطايا والشرور فالمرأة الشهوة و الكائن الشيطاني مجرّد الإيمان بدنس الأنثى زريعة إبليس في هذا العالم ضمان طاعة الربّ ودخول الجنّة .
منذ تلك العصور الغابرة أصبح الرجل ضحية مع المرأة لا يقدران على العيش منفردين ولا يقدران على العيش متوازيين فالرجل في المجتمع الشرقي ليس رجلا كاملا إن لم يعتمد الأسلوب العمودي مع النساء أي أنّه السيّد الذي يأمر والمرأة بمثابة ملك يمينه تنفذ ما أمر به .
أختي وصديقتي ورفيقتي وزميلتي قبل أن تطلقي شتيمة في حقّ الرجل تمعنّي في هذا الموروث البالي الذي وأد حرية الجميع رجالا ونساء وسلبهم حرية الإختيار قولي لشريكك : أنت أيضا ضحية فهات يـــــدك وتعـــال نناضــــل جنبا إلى جنب يا أخي !!
كتبت خولة الفرشيشي

اقرأ المزيد Résuméabuiyad

أسطورة حمّام الذهب : بين الماضي والحاضر

يرتبط فضاء الحمّام في الذاكرة الشعبية بكثير من الأساطير ومنها أسطورة حمّام الذهب بنهج الذهب بالمدينة العتيقة بتونس وتحديدا بمنطقة باب سويقة ويطلّ سطح الحمّام على فناء جامع سيدي محرز وهو ما يؤيد وظيفته التعبديّة الأولى الطهارة خاصة يوم الجمعة حين يؤدي المسلمين صلاة الجمعة بالجامع يكونوا قد قصدوا الحمّام للتطهر والنظافة .
MAHREZ
تقول الأسطورة الشعبية والمنتشرة بكثرة في المدينة العتيقة بتونس أنّ الحمّام إبتلع ذات مرّة صبيّة بعد أن أنزلتها أمّها إلى قاع الحمّام عن طريق فتحة أرضية للبحث عن كنز وكانت الصبيّة تمدّ أمها بسبائك الذهب وتخبرها أنّ الحمّام سيطبق عليها وأنّ الجان الأحمر سيخطفها ويبقيها هناك أي تحت الأرض ولكنّ الوالدة كانت تتلهف إلى المزيد من الذهب ولم تكترث بما تقوله إبنتها إلى أن أطبق الحمّام على جسد الصبيّة ولم يترك منها سوى شعرها الذي ينبت كل يوم في الأسبوع الذي يصادف يوم إبتلاعها ..
BAIN
منذ تلك الأسطورة أصبح حمّام الذهب مقتصرا على الرجال ولم يستقبل النساء منذ أكثر من 400 سنة في جولة بفضاء الحمّام إكتشفنا أنّ حمام الذهب لا يختلف كثيرا عن بقيّة الحمامات الشعبية الأخرى التي ورثت من الحمامات الرومانية الثلاث غرف : الغرفة الباردة والمتوسطة والساخنة إضافة إلى أنّه مازال يستعمل تقنية التسخين التقليدي ويقوم بهذا الفرانقي وهو عامل مختص في إحراق الخشب وفواضل الحيوانات لتسخين الحمّام كما أنّ الحمّام يعتمد تقينة الإضاءه الطبيعية عن طريق فتحات ضوء صغيرة أعلى سقف الحمّام وهي مغطاة بالبلور .
يطرح السائل لماذا لم تدخل النساء منذ تاريخ تلك الأسطورة إلى فضاء الحمّام رغم المعرفة كونها أسطورة خاصة بعد مضي مئات السنين عليها ، يذهب المختصين إلى إعتبار الأسطورة مقدّسة لأنّها تمتلك قوّة الإعتقاد الملزم للجماعة قبل طقوس الأديان وفي هذا الإطار يقول مرسيا إلياد : تجسد الأسطورة حدثا جرى في الزمن الأوّل أي زمن البدايات وتكمن وظيفتها في كشف النماذج المثلى لكلّ أنواع الطقوس وانشاطات البشرية ذات الدلالة والمغزى وهو السبب الذي يجعل بين الأسطورة والطقس صلة حميمية وثابتة إذ يأتي الطقس ليستعيد الأسطورة ويذكر بها بصفة دورية .
في هذا الإطار منع النساء من زيارة الحمّام أي حمّام الذهب لأنّ الأسطورة حرمت على النساء إرتياده لإرتباطه بالجان الأحمر الذي يبتلع الصبايا ومازالت النساء إلى اليوم تتمنع عن الذهاب إليه وعدم المجازفة بدخوله لما يرتبط في الذاكرة الشعبية من خطورة عليهن ويعتبر هذا محتوى ذهني خيالي وهي أشياء غير عقلانية في رحب حضارة عقلانية ورغم ذلك تجد لها مكانا ورواجا فالإنسان سليل الأسطورة حتى ولو عاش في القرن الواحد والعشرين الذي قطع كليّا مع الأسطورة وعوضها بالعلم والتطوّر التكنولوجي ولكنّ الإنسان الحديث مازال يتعايش مع الأسطورة بشكل أو باخر فوجود الأسطورة في الحياة الحديثة يخفف من الام الإنسان ومن إغترابه وإعادة إحياء الأسطورة في أشكال عدّة يخفف وطأة حدّة الواقع ويمنح الإنسان الشعور بالرضى والإرتياح في ظل وجود كائنات خارقة يتضرع لها أحيانا وتقيه من الشرور أو توقعه فيها إن خالف أوامرها ومن جهة أخرى تساعد الأسطورة في تشكيل الهوية فهي تنشط وتقوم بإستدعاء شخصيا ت قديمة وتعطيها زخما وحضورا في ذهن الجماعة التي تتمسك بها لأنّها تمثل الهوية الثقافية فالمجتمع المجمع لأساطيره لا خوف عليه لأنّه لم يفقد خصوصيته وشخصيته في عصر العولمة التي تحاول أن تجعل من الجميع نسخا متشابهة بلا ذوق ولا روح .
كتبت خولة الفرشيشي
 يمكنكم متابعتي على منصة ارابلوغ 
اقرأ المزيد Résuméabuiyad

ظاهرة الإلحاد في العالم العربي : موضة أو موقف ؟؟

في سنوات حكم الترويكا بتونس كانت أشهر قضايا حرية التعبير هي قضية جابر الماجري الذي نشر على صفحته رسوما كاريكاتورية لرسول الإسلام فتم إيقافه والتنكيل به في السجن من طرف السجانين والمسجونين فقد إنقلب الكلّ إلى مدافعين عن الله ورسوله رغم بشاعة الجرائم التي إقترفوها وهو ما جعلهم في السجن ولكن فرصة معاقبة ملحد سيكفر عن بعض خطاياهم ربما كان هكذا يعتقدون بعض المسجونين وفي المقابل ناضلت منظمة العفو الدولية من أجل إطلاق سراح جابر الماجري والتعريف بقضيته في الأوساط الحقوقية العالمية مما أدى إلى قرار حكومي من طرف الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي بالعفو على جابر الماجري وإطلاق سراحه وتسهيل سفره إلى الخارج ومن تلك اللحظة تم إغلاق الملف دون أن نعلم أين مضى جابر الماجري .
في مصر شكلت إستضافة المدوّن إسماعيل محمد على قناة المحور قضية رأي عام فقد تحدث بصراحة عن إلحاده محاولا إقناع المذيعة والضيوف بحججه الذين جعلوا منه مريضا ليقاطع في أكثر من مناسبة والتهكم عليه ومحاولة إخراجه للمشاهد في مظهر المختل عقليا وبعدها كانت إحدى الملحدات المصريات “وهي طبيبة “ضيفة على برنامج مصري تقدّمه المذيعة ريهام سعيد التي لم تتناقش مع ضيفتها بحجج دامغة بقدر ما لعبت على مشاعر المتدينين في مصر بمحاولاتها في شتم وبخس ضيفتها وصولا إلى طردها من البرنامج في حركة تبيّن عجز المتدين في مقاومة الملحد فكريا والإجابة عنه بحجج ربما تقنعه ليعود إلى الإيمان أو ليخلق حالة ديمقراطية في الحوار العربي بين المتدين والملحد يقينا منهما أنّ الحقيقة لا توجد إلا في الحجج العقلية السليمة لا في الصراخ والتكفير وتهييج المشاعر الدينية للنيل منهم .
وفي موريتانيا حوكم الصحفي محمد ولد الشيخ سنة 2014 بالإعدام عقابا على مقاله الذي كتب بناء على حوادث تاريخية موثقة في عدة مصادر تاريخية وقد خلق هذا إستياء عميقا لدى النخب والمنظمات الحقوقية العالمية ربما لأنّ هذه البلدان أي ذات الغالبية المسلمة أصبح لها باع في تصفية العقول التي تفكر خارج القطيع الموصى به .
ومنذ سنوات بفلسطين وتحديدا برام الله سجن المدوّن وليد الحسيني بعد إعلانه الإلحاده وقد أقرت السلطة الفلسطينية سجنه في أكتوبر 2010 بعد ما إعتبرته إهانه الشعور الديني والتعدي على أرباب الشرائع وإثاره النعرات الدينية والمذهبية والطائفية من طرف وليد الحسيني الذي بات مهددا في بلده بعد إكمال عقوبته مما جعله يقرر اللجوء في فرنسا محافظة على حياته التي أصبحت مستحيلة هناك فالكل يتأهب للقضاء عليه نصرة للدين .
وفي السعودية سنة 2012 شكك في إيمان رائف بدوي مؤسس الشبكة الليبرالية السعودية وإعتباره مرتدا على الدين الإسلامي وذلك لنشره مقالا ينتقد فيه هيئة الأمر بالمعروف والنهي على المنكر وطلب إقالة رئيسها وعرضه على محكمة العدل الدولة لبشاعة ما إقترفه في حق الناس المتضررين وقد حكم على رائف بدوي بعشر سنوات سجنا و1000 جلدة ومليون ريال سعودي هذا وقد نفذت السلطات في حقه الخمسين جلدة الأولى علنا في مظهر مقزز لينتفض العالم ويدين هذا الفعل الهمجي ويطالب بإطلاق سراح رائف بدوي .
بعد ما سميّ بالربيع العربي أصبحت حرية التعبير في متناول النخب والشباب وقد إستغل الملحدين هذه الفرصة خاصة بعد ظهور الإسلام السياسي كبديل للديكتاتوريات السابقة والفشل الذريع للأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية في إدرة البلد وأيضا في إثارة بعض النعرات الطائفية كما حصل في مصر وتشجيعهم على الإرهاب في سوريا وتسهيل هجرة الشباب إلى هناك ” راجع تصريحات الحبيب اللوز ” وأخيرا ظهور داعش وجرائمها المنافية لقيم الإنسانية فهم يشبهون إلى حدّ كبير وحوشا مفترسة متعطشة للدم ومستعدة أن تقتل الجميع من أجل رؤية الدماء .. كل هذا ساهم في إزدراء الإسلام من طرف الكثير فوجهوا بوصلتهم نحو الإستقالة الدينية وغض الطرف عن الأديان بوصفها سببا للدمار والقتل وبالتالي أصبح الحديث عن قيمة الإنسان وضرورة المحافظة عليه من الجرائم التي ترتكب بإسم الدين في ظل إنعدام رفض شعبي لما تفعله داعش وأيضا لردات الفعل الغير مدروسة من طرف الأزهر الذي لم يكفر داعش في خطوة أولى حين أصدر فتواه لا يجوز قتال المسلم مهما إختلفنا معه ثم ليطالب بصلب وتقطيع أوصال أعضاءها ردا على خروقاتهم المادية الشنيعة التي إرتكبت بإسم الإسلام خاصة بعد حرق الطيّار معاذ كساسبة ..
إنّ الملحدين في العالم العربي وشمال إفريقيا ،خاصة هؤلاء ذوي المرجعية الإسلامية لهم أسبابهم المعقولة والمفهومة ويجب على القارئ أن يتفهمها في رفض هذا الدين الذي لم يطوّر وظل يتوارث عن طريق عقول جامدة متكلسة لم تؤمن أنّ النقد يطال كلّ الأشياء وحتى الأديان نفسها فالإلحاد ظاهرة تتنامى في العالم العربي كردة فعل على العنف والقهر الذي يمارسه الدين ضدّ المختلف والإلحاد موقف سلمي عكس ما يصوره المتديّن ومن يريد المحافظة على الدين من الأفضل أن يراجع الإرث الإسلامي بما يوافق العصر الحالي فنحن لا نشك أن للدين وظيفة بنائية منذ نشأته نجح في إرساء اللحمة والتماسك الإجتماعي بين أفراد المجتمع وحافظ على النوع البشري ولكن أن يقتل الدين اليوم الناس بتهمة الكفر فهو للأسف يحفر في قبره بيده لا بأيدي الخارج والصهيونية كما يحاول أدعياء التقوى زرع هذا في الناس .
خولة الفرشيشي

اقرأ المزيد Résuméabuiyad

المسيحيون العرب أحياء باقون رغم القتل والإرهاب !

تعتبر الثقافة العربية الإسلامية عنصرا هاما من بين عناصر هوية العديد من الشعوب في العالم العربي فهي المشترك أي الثقافة العربة الإسلامية بين هذه الشعوب التي تجعلها تتمايز وتختلف عن بقيّة الشعوب الأخرى إذ تمنحها شخصية لها سماتها الخاصة التي تعبّر عنها وتفرض شخصيتها ونمطها الثقافي الخاص بها المختلف عن بقيّة الأمم الاخرى ، وقد ذهب عالم الإجتماع الفرنسي ألاكس ميشاليلي في كتابه ” الهوية ” إلى إعتبار أنّ الهوية “.. مركب من المعايير الذي يسمح بتعريف موضوع أو شعور داخلي ما وينطوي الشعور بالهوية على مجموعة من المشاعر المختلفة كالشعور بالوحدة والتكامل والإنتماء والقيمة والإستقلال والشعور بالثقة المنبنى أساسا من إرادة الوجود” .
ولم تكن عملية بناء الثقافة العربية مقتصرة على المسلمين فقط بل شارك المسحيين العرب في بناءها وتطويرها من منطلق الإنتماء إلى تلك الأوطان وشعورهم بالتكامل كما عبّر عن هذا ألاكس ميشاليلي ، وقد كان سلمان الفارسي أحد صحابة الرسول أوّل مسلم من أصول مسيحية قد لعب دورا هاما في تطعيم الإسلام بشعارات العدالة الإجتماعية فقد بلغت الجرأة المعرفية بهادي علوي إلى إعتبار أنّ الرسول قد إستفاد من خبرات سلمان لتطعيم رسالته خاصة فيما يخص بالإكتناز فقد ذهب بالقول في كتابه شخصيات غير قلقة في الإسلام : “وكنت قد رجحت في دراستي بمسألة تحريم الإكتناز أنّها قد وقعت بتأثير من سلمان ويتعزز هذا الترجيح في حقيقة كون التحريم جاء في وقت متأخر نسبيا لم يعد فيه القران يعكس الصراع بين الفقراء والأغنياء بنفس الحدّة التي كانت في الطور المكي ” ولم يكن سلمان الفارسي ذو الأصول المسيحية وحده قد أضاف إلى الثقافة والحضارة العربية الإسلامية فقد سار على هذا الطريق كثيرون بعده لم يمنعهم الإختلاف الديني من الإضافة إلى الحضارة التي عاشوا والدفاع عنها وقد ساهم المسيحيين العرب في إنشاء الدواوين وإدارة الدولة في الخلافة الأموية والعباسية إلى جانب مساهمتهم الثرية في الترجمة والعلوم نذكر هنا أنّ أول عملية ترجمة حدثت في العصر الأموي . وتواصل حضور لمسيحيين في العصر العباسي وقد شهد على هذا الجاحظ إذ يقول في رسائله “إنّ النصارى متكلمين وأطباء ومنجمين وعندهم عقلاء وفلاسفة وحكماء… وان منهم كتّاب السلاطين وفرّاشي الملوك وأطباء الأشراف والعطّارين والصيارفة… وأنهم أتخذزا البراذين والخيل واتخذوا الشاكرية والخدم والمستخدمين وامتنع كثير من كبرائهم من عطاء الجزية ” ويعتبر حنين بن إسحاق أشهر مترجمي العصر العبّاسي إلى جانب تأليفه كتابا في الطبّ .
لم يمنع الإختلاف الديني للمسيحيين من الإنخراط في الحياة العامة وتأسيس ركائز الحضارة العربية الإسلامية صحبة المسلمين غير عابئين بالإختلاف الديني فما يجمعهم أعمق من هذا فالإنتماء إلى الدولة أهمّ .
وتواصل حضور المسيحيين في العصر الحديث كالمفكر إدوار سعيد وإيليا أبو ماضي وجرجي زيدان ومي زيادة وميشال عفلق وغيرهم الذي ساهموا بشكل إيجابي في إحياء الحضارة العربية الإسلامية وحمايتها من الإندثار والتذويب أو من مساعي بعض المستشرقين في الإساءة لها وتشويهها فقد كان المسيحيين ركيزة هامة في المجتمعات العربية رغم بعض إنغلاق بعض المسلمين وإعتبارهم مواطنين درجة ثانية طالما أن الغالبية العظمى من المسلمين وصولا إلى ما عاشه مسيحيّ الموصل من جرائم من التنظيم البدوي الدموي داعش وعملية إعدام 20 مسيحيا مصريا بتهمة أنهم كفار متناسين مساهمة هؤلاء في الحضارة العربية الإسلامية وما تضمنته من علامات مشرقة ومضيئة على عكس ما يفعله داعش ومشتقاتها في نسف كلّ الحضارة العربية الإسلامية وتقديمها إلى الاخر على أنّها حضارة قتل ودم ولا تقبل الاخر وتبيح قتل غير المسلم وتقديمها حضارة مغلقة ضيّقة تضيق بنفسها وبالاخر وعاجزة عن التطور والمضيّ قدما نحو عصور النور .
كتبت خولة الفرشيشي



اقرأ المزيد Résuméabuiyad