من وحي الهذيان

الحنين وجع لا يحنّ إلى وجع .. 

وقف الحنين حائلا بينها وبين الحياة يراوغها عن التقدّم .. يراودها بأنّ البقاء في عنق الماضي أجمل وأفضل ... ضحكت بصمت ودهسته بكعب حذائها كما تدوس عقب سيجارة وقبل أن تخطو خطوة قالت أقرأ لدوريش أن الحنين وجع لا يحنّ إلى وجع وأنتشي بكلماته الرائعة .. ولكنك مجنون إن ظننت إن قفز الحنين من دفاتر كتاب وظل معي .. أيّها الحنين أقفل إلى ديار الفاشلين والمهزومين طالما لي قلب نابض فإنّ الحياة تستحقي وقطعا لن تسحقني  .. 

بساطة ....

المرأة البسيطة جميلة وإن هرب عنها عشاقها .. دافئة ..طيّبة ..رائعة.. لا تتقن ألاعيب النساء ولا خداع الرجال .. حلوة كفاكهة الصيف ولاذعة كفاكهة الشتاء .. صبورة كالصبّار دون ماء ينبت ويعيش ولا يفقد خضرته .. هي لا تخلب الأنظار لأنّها لا تتكلف التعقيد والثقافة والأناقة ... هي تفعل ما تريده وتقول ما تحسّه .. حظّها قليل ولكن سعادتها أكبر من أن يحدد مصيرها بيد جاهل أو متخلف .. كوني بسيطة تصحي .. !

أراخنا ...

جلست أراخنا تنسج خيوطها وتتذكر رهانها الخاسر مع الآلهة .. كانت تهمهم "لا شيء يظل على حاله أنا ربحت حريتي وهي ماذا ربحت "! .. غير بعيد عن أراخنا يحترق رجل حنين لإمرأة تقرع باب ذاكرته بحماس مفرط .. فيما تجلس إمرأة تشرب كأس نبيذ وتقرأ لنزار القبّاني قصيدة أنت قبيلة من النساء تضحك وتقول ما أكذبه .. ينهمر المطر ببذخ على جسد صبيّة لم تذق بعد طعم الحبّ .. ويبكي طفل صغير ولا يصمت إلا عندما تلقمه أمّه نهدها ليشبع وينام .. يبحث كاتب عن فكرة ولم يجدها بعد .. أسألكم أحبتي هل تعلمون أيّ حزن يبعث المطر ..لا تهتموا كثيرا إنّه هذيان ما بعد منتصف الليل !!

إمرأة دون نهد ليست أنثى ....

أخبرها الطبيب بهدوء الموتى وببرودة الثلج : سيّدتي معك سرطان الثدي يجب أن تبدئي في العلاج حتّى لا نضطر إلى بتر النهد .. إبتسمت تقصد بتر أنوثتي .. كانت ترى أنّ نهديها أجمل ما فيها وأنّ كلّ إمرأة سرّ انوثتها في نهديها .. ألم يكتب وأحبر نزار القبّاني عن النهد .. كان أول ديوان بعنوان " طفولة نهد " .. ذاك الطفل الذي فطم في السابعة من عمره قطعا يعلم قيمة هاتين الجوهرتين .. نهدها سيقطع إن فشل العلاج .. نهداها اللذان إشرئبت إليهما الأعين الفضولية والمعجبة والشهوانية وحلمت عشرات وربّما مئات أو الالاف بلمسهما .. بجرّة سكين بسيطة سيقطع ليحيا كامل الجسد .. في الماضي كانت تقول بعد خيبة أو خيانة عاطفية سأرمي قلبي إلى الكلاب على أن  يسكن فيه خائن أو نذل حقير .. كانت سترمي قلبها ولكن قطعا يعزّ عليها أن يقطع نهدها .. أيّهما أهم القلب أو النهد .. 
النهد أهمّ كيف يمكن أن تحتمل حمالة الصدر الفراغ هل ستحشوها بالقطن أو بالهموم .. ختمت تقول إمرأة بنهد واحد القبر أفضل لها .. إمرأة بنهد واحد ليست أنثى .. 

بقلم خولة الفرشيشي