معرض المواضيع

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

“حـان وقت الإقلاع” مع عادل قسطل في رحلة كتاب


كتيّب صغير الحجم لا تتجاوز صفحاته ال150 صفحة تحاول أن تسرع في قراءته لصغره ولكن ما تلبث أن تتوقف في صفحات وعند جمل إستوطنت كيانك .. تكمل القراءة ثم تعود لبعض الصفحات لتعيد القراءة .. هذا ما يفعله بك كتاب “حان وقت الإقلاع” للكاتب الصحفي عادل قسطل كبير المراسلين بقناة فرنسا 24 والصادر عن دار الشروق سنة 2014 .
ليس من السهل أن تمرّ بتجربة عادل قسطل الصحفية والإنسانية في صفحات الكتاب دون أن تستخلص بعض العبر والحكم ، فهو يحرّضك على المغامرة والطموح وكأنّه يهمس لك : إحتضن حلمك الجامح وإيّاك أن تروضه فهو على حق وما عليك سوى أن ترافقه في خطوات الجنون .. إيّاك والإنحياز لسلطة الواقع والمجتمع فهناك حسابات أخرى لا يتقنها الواقع أبدا .
على ظهر الكتاب كتب قسطل رسالته للإنسان في مجتمعات الجنوب : قبل ربع قرن, كنت أتمنى السفر ولو برا من الجزائر إلى تونس، آمنت بمهنة الصحافة وتمسكت بهارغم تكويني الأصلي كمهندس معماري. تمنيت زيارة بلدان كثيرة وتحقق لي ذلك. أهم درس تعلمته من هذه المغامرة الطويلة و الشيقة, هو قدرة الإنسان الجزائري على الإقلاع. لماذا ينجح الجزائري في الخارج و يتعب في بلاده؟ هل الحل هو الهجرة؟ التجربة الجزائرية توفر لأبنائها وقودا, و لكن من يشغل المحركات؟
من يشغل المحرّكات يقصد قسطل محركات الأمل والطموح والمثابرة للفرد في مجتمعات الجنوب التي تعلمه التواكل والإستسلام والخوف من كلّ جديد والتمسك بالأشياء السهلة ويحاول الكاتب في ثنايا الكتاب أن يجيب عن أسئلة الإنسان في هذه المجتمعات كيف أنجح وأحقق ما أريد بعيدا عن القوالب الجاهزة وعن الوصايا والحكم المتداولة عن القضاء والقدر ربّما الهجرة في أوطان تسلبك الحرية يقول عادل قسطل في أول الكتاب : ” الهدف في الحياة هو السعادة والبحث عن السعادة يبدأ بالبحث عن الحرية ، يهجر الناس أوطانهم لأنّها تسجنهم ، يخال للقارئ لأول وهلة أنّ الكاتب قد يئس من الإصلاح في هذه المجتمعات ولكن حين تكمل الكتاب تتأكد من رسالة الكاتب في تحريضه الإيجابي على التغيير من داخل البلدان والتحرر من القوالب الجاهزة ومن سلطة المجتمع .
في رسالته التوعية يمارس قسطل فعل الجلد على الإنسان الجزائري بقسوة أحيانا ربما لتصل رسالته بشكل أقوى وأنجع ، لعلّ الجزائر تنهض من سباتها ومن كبريائها بنقد موجوع بهموم البلد والمواطن وكأنّ الكاتب يطرح تساؤول شكيب أرسلان من جديد في القرن 21 بصياغة جديدة ومواكبة للعصر لماذا تقدّم الغرب فيما بقينا نحن على ما هو عليه : نجترّ الماضي ولا نعيش الحاضر ولا نفكر في المستقبل ؟؟
رواح قسطل بين تجربته في الصحافة وبين تنقله في العالم وبين أعلام الجزائر وشخصياتها التي ساهمت في تحريرها من الإستعمار الفرنسي وبين حالة الإنسان الجزائري في المهجر وما يعانيه من الإهمال يستعرض حوادث العنصرية والإغتصاب في الأحياء الفقيرة وحالة التشرذم العاطفي بين فرنسا البلد الحاضنة والجزائر البلد الأصل وتأثيراته على شخصية المهاجر الجزائري وكأنّه يعلن ضمنيا : الهجرة دون هدف ودون ثقافة وإنتماء حقيقي ليست الحلّ إنّ الحلّ الحقيقي هو أن تؤمن بنفسك بحلمك ببلدك وأن تغيّر من الداخل لا من الخارج.
كما يقف عادل قسطل وقفة ناقد موضوعي في حالة الجزائر اليوم ، وكأنه يختزل حالة الجزائر وحالة شقيقاتها في شمال إفريقيا وما تعيشه هذه الأقطار من حال التخلف والركود دون تغيير ودون إرادة حقيقية سياسية أو إجتماعية في التغيير .
رغم صغر حجم الكتاب إلا أنّه يظل عميقا إذ إحتوى تجربة إنسانية واعية بهموم الوطن والإنسان في مجتمعات الجنوب فهو ليس مجرّد كتاب بسيط تمرّ عليه وينسى إنّه مضاد للإكتئاب لتؤمن بما تفعل وتهمس سرّا أو جهرا : سأصبح ما أريد .. سأحقق حلمي !
كتبت خولة الفرشيشي
kastal
اقرأ المزيد Résuméabuiyad

السعودية تواصل انتهاكات حقوق الإنسان وتصدر حكم الإعدام ضدّ قاصر


ما تزال المملكة العربية السعودية مستمرة في خروقاتها لمنظومة حقوق الإنسان ، إذ تتخذ من الإسلام ذريعة لتطبيق عقوبات محطة بالكرامة الإنسانية كالجلد وقطع الرأس والرجم وخلافه ، دون أن يحرّك المجتمع الدولي ساكنا إذ يكتفي في أقصى الحالات بإصدار بيانات شديدة اللهجة أحيانا دون خطوات إيجابية للحدّ من معاناة الإنسان السعودي ويرجع هذا إلى المصالح التي تربط بين القوى العالمية والمملكة العربية إذ تعتبر هذه الأخيرة رابع ميزانية عسكرية في العالم ويذهب جزء كبير من الميزانية السعودية لإقتناء السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا .
قبل أشهر تحديدا يوم 16 جانفي 2015 ، طبق النظام الوهابي على مرأى من المجتمع الدولي فعل الجلد ضدّ الناشط السعودي رائف بدوي المحتجز بشأن اتهامات تتعلق بانتقاد موقعه لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ورجال الدين السعوديين الحاكمين الخفيين للمملكة السعودية رغم إستنكار المنظمات الحقوقية وبعض الدول الديمقراطية إلا أنّ رائف مازال حبيسا إلى يومنا هذا رغم توقف الجلد .
لم يكن الناشط السعودي رائف بدوي الضحية الأولى للنظام الوهابي وتحديدا للمؤسسة الرجعية : هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد سبقه ولحقه إلى السجن اخرون كثر لم تعرف قضاياهم بإستثناء قلائل كحمزة كشغري ووليد أبو الخير وسعاد الشمرى وغيرهم من المفكرين والنشطاء السعوديين والتي تتعارض أفكارهم مع الهوية المحافظة بل الرجعية للنظام الوهابي هناك .
وفي سابقة فريدة من نوعها ستنفذ المملكة العربية السعودية حكم الإعدام قطع الرأس ضدّ أحد الشباب المعارض علي محمد النمر والذي يبلغ من العمر ٢١ عاماً ، وستكمل العرض التراجيدي في الحط من الكرامة الإنسانية هناك بصلب جثة المعدم وعرضها على العامة وتعود قضية النمر إلى ما قبل ثلاث سنوات إذ يقول النظام الوهابي إنه أنّ النمر إقترف جرمه قبل بلوغ السنّ القانونية وهو ما عطل حكم الإعدام ضدّه ا هذا وقد إتهم النمر بالانتماء إلى خلية إرهابية والتحريض على الفتنة والقيام بأعمال الشغب، حمل السلاح واستهداف رجال الأمن والمنشآت الحكومية، والمشاركة في المسيرات و المظاهرات المناوئة للسلطات” بالقطيف سنة 2012 وقد تمّ إصدار أحكام قاسية على كل ّ الموقوفين في تلك الأحداث التي تتسم بغطاء طائفي : المعارضة الشيعية ضدّ النظام السنيّ السلفي الوهابي .
إعتقل النظام السعودي النمر في ظروف قاسية إذ تمّ دهسه بالسيّارات صحبة العشرات من المتظاهرين وإنتزعت الإعترافات تحت التعذيب والإنتهاكات الجسدية ضدّه حسب ما ورد في بعض بيانات الحقوقيين في الداخل السعودي وخارجه .
وفي تعليق أولي علق والد الشاب المحكوم بالإعدام محمد باقر النمر وهو أحد أبرز النشطاء بالقطيف والمعروفين بمعارضته للنظام السعودي على حكم الإعدام الصادر ضدّ ولده على مواقع التواصل الإجتماعي “كم هو عار على القضاء أن يلوِّح ويهدد وينفِّذ إعدامات بحق الأطفال بعد أن نفَّذ إعدامات في الشوارع، وعلي النمر ليس الأول وليس الأخير في عالم الأحكام الجائرة لكن هو الأول في العالم الذي يحكم عليه كطفل بحكم قراقوشي. كم هو انحطاط وعار عندما يكون القضاء في أيّ دولة في العالم تابع لجهاز الأمن ويكون القاضي عسكرياً بلحية ولباس مدني! ” . يحدث كل هذا بالمملكة السعودية في ظلّ تواطؤ الأجهزة الرسمية مع الجرائم التي ترتكب بإسم القانون ضدّ الإنسان السعودي الذي مازال يعيش تحت القهر المسلط من العائلة الحاكمة ورجال الدين المحافظين .
ورغم بشاعات النظام الوهابي ضدّ المواطنين في المملكة تم اختيار السعودية مؤخراً لرئآسة لجنة خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على مراى من أنظار المجتمع الدولي الذي قبل أن يكون شريكا في الإساءة للمواطن السعودي مرّة بإسم الدين ومرّة أخرى بإسم القانون وأخرى ثالثة بإسم حقوق الإنسان .
كتبت خولة الفرشيشي


اقرأ المزيد Résuméabuiyad

الأحد، 20 سبتمبر 2015

فــــــنار: شمعة الشباب في وجه الظلام


فنار تجربة موسيقية تونسية إختارت الفنّ الملتزم نهجا لها تقارع به الاستبداد بكلّ أشكاله ، وتحاول أن تزرع الأمل في صفوف الشباب وتنشر الحبّ والحياة والفرح في تونس وشعبها ، بين نغمات العود وأغنيات الشيخ إمام وسيّد درويش وبين كلماتهم الخاصة تعلو أصواتهم بالغناء ، خمس فتيات وشابين جمعهم الفنّ الملتزم وميولات أخرى كالرسم والنحت والكتابة ، هؤلاء هم مجموعة ” فنار” إسم ذو رمزية وكأنّهم يعلنون أنّهم سيكونون شمعة تسقط الظلم كالتي بدأت تخيّم على أجواء البلاد .

هم مجموعة من الشباب جمعتهم دار الثقافة بن رشيق بالعاصمة وفي نادي الشيخ إمام كانوا يلتقون ويغنون منذ ثلاث سنوات ، خرجوا من النادي وأسسوا فرقتهم الخاصة ووصل إنتاجهم إلى حوالي ستة عشر أغنية و2 فيديو كليب ،كما شاركت هذه المجموعة في تأثيث الأمسيات الثقافية بالأوساط الطلابية والنقابية وكان أول ظهور رسمي لهم في حفل القبة يوم 7 فيفري 2014 التي كانت تواصلا بين الأجيال وأخذا للمشعل من فرقة ” جيل جيلالة ” المغربية .
غنّت مجموعة فنار للحبّ والوطن والمرأة التونسية وللشهداء ، لشكري بلعيد وللبراهمي في الذكرى الثانية لإغتياله ، تحمل أغانيهم روح التمرّد والتحرر بنفس شبابي يعكس تطلعات الشباب إلى حياة كريمة في تونس ما بعد الثورة .


لا تخفي مجموعة فنار خلفيتها اليسارية و التي تجلت بصورة واضحة في الأغنية المهداة إلى روح الشهيد شكري بلعيد وأخرى للمرأة التونسية ، في هذا السياق يصرّح الفنان عمر بن براهيم أحد أعضاء فرقة فنار أنّ تجربته في الجرافيتي سابقة للموسيقى ضمن مجموعة أهل الكهف والتي تحمل عشرات الجدران رسومات من توقيعهم وأنّ إلتزامه بالوطن أولى إهتماماته فالوطن لم يحرر بعد حسب قوله ، وأي فعل مدني سلمي بالكلمة بالرسم يساهم في تحرير الإنسان والوطن ، فقبل تأسيس فنار كانت المجموعة تغني على رصيف المسرح البلدي وداخل القطارات وفي الشوارع ، فحن نؤمن أن دورنا مهم وليس وقتيا ، فرسالتنا رسالة فنيّة ونضالية أيضا نحن نؤسس لوعي مجتمعي يأخذ على عاتقه أهمّ قضيّة ” الحرية ” .

وعن أغنية المرأة التونسية يواصل عمر بن براهيم حديثه ، فيقول جاءت هذه الأغنية كردّ على الجدل الحاصل تحت قبة البرلمان أيام المجلس التأسيسي، والمتمحور حول دور المرأة في المجتمع، والتي اعتبرها البعض مجرد ملحق ومكمل للرجل، في نظرة ذكورية مازالت تهيمن على جزء كبير من المجتمع وافرازاته السياسية ، لكن تصورنا لمبني على فكرة المساواة، جعلنا نناضل جنبا إلى جنب كفتيات وشبان ورجالا ونساء بلغة عالمية إسمها الموسيقى ، بل تجاوز الأمر عندنا فصارت المرأة هي الطليعة داخل فرقتنا والعنصر المهيمن عليها .
عن إجابته لسؤالنا لماذا يعيش الفنّ الملتزم في أوساط اليسار والنقابيين ولا يخرج بعيدا إلى عموم الجمهور يجيبنا عمر بن براهيم ويقول ليس هناك فنّ ملتزم هناك فنّ يلبي طموح الإنسان في التحرر والأغاني البديلة هي بديلة للسائد ونحن لا ننفي يساريتنا لأننا لا نخجل منها فهي ليست تهمة ، نحن نحرض الإنسان على الحبّ والحياة والأمل والنضال أيضا لإفتكاك حقوقه ونغني من أجل الوطن وحريته .
هذا وقد شاركت مجموعة فنار ضمن فعاليات المهرجان الموازي للفنّ البديل يوم السبت 5 سبتمبر بقابس والذي جاء بمبادرة من بعض الفرق الملتزمة و المعروفة قبل الثورة التونسية كردّ فعل على تجاهل إتحاد الشغل لهم وإستضافة الفنان لطفي بوشناق المصنف كمغني بلاطات وأنظمة والذي مازال إلى اليوم مقربا من بعض الشخصيات المتنفذة والمحسوبة على النظام القديم .
وفي هذا الإطار يقول عمر بن براهيم نحن لسنا ضدّ المنظمة الشغيلة ستظل مظلتنا الدائمة ضدّ ديكتاتورية الأنظمة ولكن نشارك في هذا المهرجان كموقف ضدّ المنظومة القديمة ، فنحن مناضلون وفنانون و نريد أن نواجه الرداءة وننصف الفنّ الملتزم والقضايا النبيلة من المتربحين بها وكما غنينا للمنظمة الشغيلة في عدّة محطات نضالية، سنعود إليها فهي بيتنا وبيت كلّ التونسيين وحمايتها حماية لتونس ولثورتها ، فقط إختلفنا هذه المرة وسنشارك مع فرق مناضلة دافعت بشراسة ما قبل 14 جانفي عن قيم الحرية وما تزال إلى اليوم على موقفها .
هذا وتعتبر فنار وبعض المجموعات الشبابية من شبيهاتها طليعة للحلم التونسي وتطورا في التعبير الفني الموسيقي، دون قطيعة مع الأجيال السابقة من الفرق المناضلة، مع تميّز وتطور في الجملة الموسيقية وحرفية أعلى وتجديد في أشكال التعبير و التسويق .
كتبت خولة الفرشيشي

اقرأ المزيد Résuméabuiyad

الجمعة، 28 أغسطس 2015

جولة داعشي في جنــــــــان الخلد

horria
اقرأ المزيد Résuméabuiyad

الخميس، 2 يوليو 2015

عين على الجنس في الغرف المغلقة

يحظى الجنس بمكانة هامة لدى الفرد في مجتمعاتنا ، يولد وتكبر معه الهواجس والهوامات الجنسية ، دون تفسير أو إحاطة عائلية، فالجنس في هذه المجتمعات يتناول بنوع من التخويف والتقديس والتحقير أيضا، يمكن للرجل أو للمرأة أن يهدد صديقه أو صديقتها بقول : سأنكحك ويمكن أن يصف الفرد يومه قائلا : كان يوما منكوحا .. وهكذا يعيش الفرد في هذه المجتمعات لا يعرف ما معنى الجنس وهل هو مقدّس أو مدنس وهل هو عقاب أم متعة ..
ولأنّ الجنس موضوع غامض ومحرّم ،في هذه المجتمعات ، يمكن للمرأة المحافظة والمتدينة أن تبقى عذراء ،حتى في عمر التسعين دون أن يطمثها رجل ، ودون أن تعرف لذّة المتعة الجنسية ، لذلك تجتهد المرأة في الإبقاء على بكارتها كشرط الزواج ، وأن تعيش تهويماتها الجنسية في الخيال ، أو من خلال أحاديث النساء المتزوجات ، أو في لقطة عابرة في فيلم يجمع البطلين في لحظات حميمية …
ويبقى الرجل يتنقل في اللحظات العابرة ، بين النساء العابرات في فراشه ،يتعلم معهن وفيهن تمارين الجنس ، فكلّ إمرأة تمرين لإمرأة قادمة ، فيتعلم الرجل الجنس دون أن يتعلم الحبّ ،وكيف تتماهى مشاعره مع لذّة الجسد ، وكيف أن الجنس تتويج لمشاعره ، وليس مجرّد إشباع للغرائز ونشاط قضيبي فرجي ينتهي بقذف .
يتزوّج الفرد في مجتمعاتنا رجلا أو إمرأة لأنّ أغلب الشروط متوفرة في الطرف المقابل يتزوّج الفرد ويظل طول عمره يبحث عن الحبّ في الواقع والخيال … وليلة الدخول مازالت تحظى بالقداسة والإهتمام الكلّ يهتم بالتفاصيل وهل تمّ الهناء أي إفتضاض البكارة فيثبت أهل البنت شرفهم وأهل الرجل فحولته .. يمارس الرجل الجنس مع زوجته في الواقع ولكن خياله يرحل مع نهدي هيفاء وهبي ومؤخرة جنيفر لوبير وثغر إليسا وقوام نانسي عجرم … أو ينام معها كأنّها تلك الفتاة التي مرّت أمام المقهى أو نادلة الحانة التي أدارت رقاب الزبائن فيغرق في ظلام الغرفة التي تخفف عنه وطأة الواقع …
تحلم المرأة وهي تمارس الجنس مع زوجها بحنوّ مهند بطل المسلسلات التركية وبقبل براد بيت وهي ترحل بخيالها بعيدا عن التمارين الجامدة دون روح ودون حبّ فيتهيأ لها زوجها رجلا من الرجال الذين تحبّ وتحلم فتفتح فخذيها وفرجها ولكنّ قلبها وخيالها لرجل اخر غير ذلك على السرير فتمرّ العملية الجنسية بينهما مع طرف متخيل حيث يكون كل واحد منهما مع الشخصية التي يحلم بمجامعتها ويصبح الجنس واجبا لا مفرّ منه يجب أن ينفذ حتى لا تفقد مؤسسة الزواج إحدى ركائزها المهمة : الجماع .
يخون الرجل زوجته والزوجة زوجها ،دون أن يعرفا ، حقا طرفا ثالثا على أرض الواقع فلحظة الجنس بينهما معبر كل واحد منها إلى متخيل في فيلم أو عند منعطف أو ذات نظرة شبقة عابرة ، ولكن خيانة الفكر والقلب أشدّ وطأة من خيانة الجسد فهي تهبه جسدها دون روح فهي الجسم المستهلك اليومي في السرير العائلي فجسدها مستعص عليه كقلبها وخيالها تماما هو كذلك فهو جسم دون روح وشهوة وشبق .
يمارس الرجل الجنس مع زوجته ، ويتمنى أن تفعل ، كما كانت تفعل عشيقاته ، قبل أن يتزوّج ولكن لا يحاول فتح الموضوع معها ،حتى لا يفقد هيبته وإحترامه، وتتمنى الزوجة أشياء في العملية الجنسية ،لا تقدر على المطالبة بها ، حتى لا تفقد حياءها ، وحتى لا تتهم بالفجور ، فتمرّ طقوس الجنس في الغرف المغلقة والمحروسة والمظلمة ، مملة رتيبة لا روح فيها ولا حبّ فتموت الأرواح ، وتذبل الأجساد ، ويصبح الجنس واجبا يوميا متكررا .
حين يتحرر الفكر في مجتمعاتنا ،ويتحرر العقل، سيتحرر الجسد ،وقتها لن تكون الخيانة ميزة الغرف المغلقة والمحروسة بالعادات والتقاليد ، وسيقبل الفرد على الجنس، كطقس من طقوس الحياة والحب والفرح يؤكد عشقه وحبه للطرف المقابل …
ستنتهي الخيانة ،وسيعمر الحبّ هذه المجتمعات، وسيكتفي الطرفان الرجل والمرأة بجعل كل طرف منهما ، نبعا متجددا ومراة عاكسة لإهتزازات الروح وتوجسها .
فيكون الجسد صدى للروح في إعتمالاتها الباطنية السرّية جدّا ، فأن يتحابا بعد غياب ،فيهدى الجسد للحبيب على إيقاع اللقاء ، أو أن يتحابا في لحظة غيرة أو بعد لحظة مهيئة على ضوء الشموع ، فيصبح الجنس قصيدة لها إيقاعها وبحرها وتفعيلتها ورائحة اللحظة التي تتغير بعد فراق ،خصام، غياب، غيرة ،إنسياب، وجموح شهوة .
الجنس هو صهيل الروح في الجسد وهو إنحراف جسدين نحو نجمة واحدة ينصهران في في شعاع ضوء .
كتبت خولة الفرشيشي



اقرأ المزيد Résuméabuiyad

الحــــــورية والجهــــــادي

وعد الله المسلمين في النص المقدّس ” سكان شبه الجزيرة العربية ” أوّل من أمن بالرسالة المحمدية بنكاح الحوريات اللواتي لم يطمثهن جان ولا إنس واللواتي تتجدد بكارتهن بعد كل عمليه إيلاج كمشهد يصوّر الغزو المستمرّ وقد عرف عن سكانّ شبه الجزيرة العربية إفتتانهم بالنساء والجنس والحرب وقد تخصصت بعض الأحاديث النبوية في صلب موضوع النكاح واداب معاشرة الزوجة ، وكان النبيّ محمد قدوة حسنة لأتباعه في سلوكه الجنسي تجاه زوجاته وجواريه ، لم يكن الجنس مرتبطا بالدنس الذي يبعد العابد عن المعبود بل بالعكس كان مرغبا فيه وقد حثّ عليه النبيّ في عدّة أحاديث أشهرها : ” تناكحوا تناسلوا” هذا وقد وقع تنظيم الجنس في الإسلام فله ادابه ومحرّماته كباقي العبادات والأخلاق والعلاقات الإجتماعية .
وصف النص المقدس عملية نكاح الحوريات بكثير من الترغيب والتشويق في مشهد فنيّ بونوغرافي حلال يجمع بين الحورية والخمرة والرجل الناكح الفائز بالجنّة التي صورت قبل 14 قرنا بما يحلم به هؤلاء الذكور المؤمنين انذاك فتحبيب ذكور المسلمين في الجنة إقترنت بطموحاتهم الحسيّة والتي كانت من ضمن الأسباب الأساسية في الإنصياع الى سلطان محمد النبي ومحمد الحاكم السياسي وهو ما يضمن لذاتّ الجنة وخيراتها فخرج المؤمنين للقتال طامحين في السبايا والغنائم أو في الإستشهاد لنيل نكاح الحوريات والتمتع بأنهار الخمر الحلال الذي حرّم في الدنيا وحللّ في الاخرة .
بعد 14 قرنا تجددت مقولة الجهاد ونشطت الهوامات الجنسية حول الحوريات ليس لدى عرب الجزيرة فقط لتنتقل العدوى حتى إلى ابناء المغرب الكبير الذين شكلوا رقما مفزعا في نسبة المقاتلين لدى تنظيم داعش فكان ما يسمى بالجهاد في سوريا والعراق مرتبطا بحضور الأنثى التي تسبى لتكون في الخدمة الجنسية للمقاتلين كما حضرت الحوريات في خطب الشيوخ لترغيب الشباب في الذهاب إلى البؤر الساخنة للقتال هناك فكانت من نقاط جذب المقاتلين “الجنس” فإرتبطت قداسته بقداسة الجهاد وكان الوجه المخفي له والأكثر إحتفاء ومتعة من بدلة القتال وسلاح الكلاشنكوف ، فالجهاد ليس الموت في سبيل الشهادة بل هو أيضا متعة التمرغ في اللذة الدنيوية من نكاح النساء (اللواتي لم تتغير وضعيتهن منذ 14 قرنا فهن من كماليات الحياة الذكورية في الدنيا والاخرة) والتنقل بالسيارّات الفارهة وسبي النساء والأكل الجيّد قبل المتعة الأخروية في التمرّغ على أجساد الحوريات اللواتي ينتظرن المجاهدين لإفتضاض بكارتهن على أبواب الجنّة حسب المخيال الإسلامي .
تدفقت اللذّة الحسيّة بغزارة في مناطق الجهاد والذي وظفّ القائمين عليه الجنس كأحد أهمّ عناصر إستقطاب الرجال والشباب الذي يعيش حرمانا وكبتا لخيالاته وهواماته الجنسية سواء لإعتبارات قانونية كمنع الزواج بأربع أو لإعتبارات إقتصادية لعجز توفير المطالب المادية لضرورة النكاح ، فلعبت السبايا من مختلف الجنسيات بالإكراه واللواتي وقعن في أسر تنظيم داعش وحوريّات الجنّة دور فتاة الاشهار على الطريقة الاسلامية التي لا يراها المجاهد ولا يتأكد من حسنها ولكن يسمع عن جمالها وسهولة ممارسة الجنس معها فإكتشفت الأذن قبل العين جمال سبايا الجنس في أراضي ما سميّ بالجهاد إنقلبت كلّ الأشياء والمعايير الأخلاقية والتي وظفت أساسا لمصلحة الديني السياسي المسلح بتواطؤ الشيوخ الذين لعبوا دور القائم على بيوت الدعارة لجذب سيّاح الجنس بطريقة تجارية تحت غطاء دينيّ بالحديث عن الحوريات اللواتي تنتظر المجاهدين على أول عتبات الجنّة .
يطرح موضوع علاقة الجهادي بالحورية وبالجنس أسئلة حارقة أولها هل مازال الوعي الجمعي الإسلامي في نفس مرحلة ما قبل 14 قرنا يطمع بحورية بل بالالاف منها رغم تحرر المجتمعات وتحرير الجنس ونسبة الحرية التي يعيشها هنا وهناك وهل مازالت الحورية تشكل مطمعا كبيرا للجهاديين وسببا في إستشهادهم طبعا بعد حلمهم ببناء الدولة الإسلامية ترى لو عشنا ثورة الجسد كما عاشتها أوروبا هل سيكون الان جهاديون وخطاب حول حوريات العين ؟
كتبت خولة الفرشيشي


اقرأ المزيد Résuméabuiyad

مكانة الأنثى في المجتمعات الذكورية


الصورة الأولى :  
كان شعرها أسود فاحما وناعما يغطي كتفيها العاريتين … كانت تثير كل العيون المتطفلة وتدير كل الرقاب … صوت كعب حذاءها يمكن أن يحدّد إتجاه كل الرجال فالكل معدل على صوت الكعب العالي كانت تتقن الإبهار الجسدي كما تتقن الراقصة إدارة خصرها وهي تستمع بتهييج الذكور وعشقهم لها .
الصورة الثانية :
كانت محجبة تستفيق أول إنبلاج الفجر مع صوت المؤذن الذي يعلو كلما تأكدّ أنّ الناس نيام ولم يسمتع أحدهم إلى نصيحته الخالدة : الصلاة أفضل من النوم .. حيّ على الصلاة .. حيّ على الفلاح .. تخاف من كشف زينتها للغرباء تهرول في مشيتها وتقرأ القران طول الوقت … تعتقد أنّها فتنة الشيطان على الأرض فتقربت إلى الربّ بالصلوات الكثيرة والتي عجزت عن عدّ ركعاتها فهي لا تتوقف عن السجود والركوع إلا حين يأخذها التعب وتقرّبت لذكور عائلتها بالطاعة أباها وأخاها وأخوالها فهم كلّ القوامين عليها .
الصورة الثالثة :
 بنتين متشابهتين في الأفكار إحداهما لبست الحجاب والأخرى كشفت شعرها .. يدرسان ويطالعان ويناضلان ضدّ الهيمنة الذكورية في البيت والشارع والدولة … إختلفتا في الهندام وإتفقتا في الأفكار.
الصورة الرابعة :
يحاول أن يكون مثقفا عن بني جنسه تقدميا ليس كذلك السلفي الذي أقرّ بعهر النساء التونسيات أو كذلك الليبرالي الذي إختزل ليبراليته في العلاقات الجنسية المتحررة .. يحاول أن يؤمن بأنّ المرأة شريك في العلاقة وليس مجرّد كائن وتابع ولكنّه يفشل حين يفكر أن للمرأة ماض سبقه إلى جسدها تتقن ممارسة الحبّ كم تتقن الخطابة والفصاحة والحديث في الفلسفة والأدب … يقول أنّ كل هذا رائع وجيّد ولكنه لم يقبل إلى الان إمرأة جربت كلّ الأشياء قبله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما تزال المرأة في هذه المجتمعات ذات الغالبية المسلمة بين فكرتين فكرة المرأة العورة والفتنة والتي يجب حصارها أو فكرة المرأة الشبه عورة ويمكن التضييق عليها قليلا دون محاصرتها كليّا رغم أن الفكرة الثالثة وهي أنّ المرأة شريك فاعل وليس تابعا خاضعا لإملاءات الذكورة مازالت هذه الفكرة تحاول أن تولد في مجتمع قاس كهذا … مخاضها صعب يقتنع بهذا كل من امن بها .
تولد النساء في هذه المجتمعات ذات الغالبية المسلمة في صيغة رقيق يحدّد قوانين إسترقاقه ذكور العائلة والقبيلة فهم من وضعوا القوانين العامة والمحدّدة لمكانة المرأة داخل المجتمع وتبقى مفردات الشرف العائلي والأخلاق الحميدة عنوانا كبيرا لضبط تحرّك المرأة في الفضاء الإجتماعي فقد إتفق المخيال الجمعي بضرورة قبرها ولو صوريا قبرها في البيت أو في الشارع وبكمية القوانين والأخلاق الزجرية التي تكبّلها وتعطل مسيرة تحررها .
نعود إلى الصور الأربع الأولى بعض النماذج في هذه المجتمعات ذات الغالبية المسلمة والي أفرتها هذه البيئات المثالية على المستوى الظاهر والمعقدّة والمريضة باطنا ، صحيح أن المتأمل في مجتمعاتنا هذه سيجد أن هناك السافرات الجميلات اللواتي يشبهن نجمات هولييود لا ينقصهن شيء عنهن سوى أصولهن العربية أو الإفريقية والأمازيغية .. فالواقع في هذه المجتمعات لا ينفصل كثيرا عن الواقع العالمي وترويج صورة مستهلكة عن النساء كأيّ بضاعة تخضع لشروط العرض والطلب لذلك لم يشّذ النموذج الأول عن هذه القاعدة وبقي فيّا لأخلاق الرأسمال العالمي الذي روّج للمرأة في المجتمعات الإستهلاكية وسلعها ونزع عنها قيمتها الإنسانية .
وفي أوساط كثيرة من مجتمعاتنا الهشة فكريا والشعبية رغم تحدثها الظاهر إلا أنّها مازالت تعاني أزمة الإنتقال إلى الحداثة وقيمها وعدم الإكتفاء بمظاهرها المريحة والمرفهة فقط وقد إنعكس هذا على وضع المرأة في الصورة الثانية الذي أبدّه منذ قرون خلت فالمعايير القروسطية هي التي جعلت من المرأة كائنا شيطانيا عليه التطهر امن بهذا الرجال وإستبطنته النساء رغم محاولات جيل كامل من الصورة الثالثة المضي في مسيرة التحرر سواء من داخل المنظومة الرسمية أقصد هنا الثقافة الأصولية التي مازالت تنتعش في حاضرنا كالبحث عن الجوانب المشرقة والمضيئة فيها أو القطع معها والإنصهار في القيم الكونية والعالمية التي تحفظ المرأة من تبعات الإستغلال الذكوري .
تبقى الصورة الرابعة هي صورة الرجل في هذه المجتمعات وهو في مسيرة الشبه تحرر وهي مسيرة شاقة جدّا وسيأتي يوم ما وستتخلص الأجيال القادمة من تبعات الأخلاق الذكورية التي طبعت على جسد المرأة وعنونت بها حضورها وإعتبار المرأة كلا لا يتجرّا وأن جسدها ليس كيانا قائما بذاته .
النضال من أجل حقوق المرأة مسيرة شاقة ولكنّها تستوجب التضحيات حتى تتقدّم مجتمعاتنا فبتقدم المرأة تتقدم المجتمعات وكلما لمت وإنتهكت حقوقها ينعكس هذا جليا على ظاهر وباطن المجتمعات .
كتبت خولة الفرشيشي 









اقرأ المزيد Résuméabuiyad

لماذا تكتب المرأة في مجتمعات الجنوب ... ؟

هل يمكن أن تمنح الكتابة قيمة مضافة لقضيّة المرأة في واقع ذكوري تميّز بالحيف ضدّها وإقصاءها .. وهل يمكن أن تساهم الكتابة بعد فضح الميز العنصري في تحرير المرأة أو أنّ الكتابة فعل ترف وبهرج لا يتعلق سوى بالبومي للكاتبة ورؤيتها الفكرية الذاتية التي لا يمكن أن تتقاطع مع المخيال الجمعي وقيمه التي تحظى بالتوافق ... سؤال اخر لماذا تكتب المرأة في مجتمعات الجنوب ؟

في كلّ مرّة  أطرح هذا السؤال لماذا أكتب وأنشر مقالا يتفاعل معه عشرات ومئات الأشخاص ثم ينسى ويركن في الرفّ مع الأشياء القديمة ... لماذا أكتب ولماذا تكتب النساء في مجتمعات الجنوب التي لا يعيبها أن تكون ذكورية بل وتدافع عن ذكوريتها وتخترع في كلّ مرّة اليات حماية نظامها الذكوري الذي تاكل وإهترأ ولكنّه لم يسقط ولم ينهار مرّة واحدة .. ربما لوقوف الدين ورجاله إلى جانب هذا النظام الذكوري .

في مجتمعات الجنوب وقفت بعض النساء ضدّ التيار الذكوري وتحدين بالقلم والساعد ، كانت هدى الشعراوي من أول المصريات اللواتي في القرن التاسع عشر من تحدين أنظمة القهر ضدّ النساء فناضلت من أجل المساواة في مصر ربما لما إستبطنته من مشاعر الظلم والميز  ضدّها ومن أقرب الناس إليها  أقصد من عائلتها  في طفولتها وصولا إلى زواجها في سنّ مبكر  فحاولت الخروج عن سلطة القبيلة والمجتمع وقيمه التي تهضم حقوق المرأة فكانت أول خطوة في مشوارها النضالي إصدار مجلة " إجيبسيان " أي المصرية باللغة الفرنسية من بعدها ناضلت هدى الشعراوي في صلب هياكل نسوية تطالب بحقوق النساء .
 
كانت ظروف المرأة قبل أربعة عشر قرنا  وإلى يومنا هذا  في بعض  مجتمعات الجنوب أشبه بمكانة البقر في مزارع الفلاح تعلف جيّدا لتحلب وتنجب عجولا دون الحديث عن ظروفها وحقوقها المهم أن تكون صامتة حتى لا تقتل وحتى لا تطلق فكلمة طالق قارة على فسخ العقد الزوجي إلى يومنا هذا في بعض بلدان الجنوب  ذات الغالبية المسلمة  لذلك كانت النساء يعبرن بالكلمة وفي تراثنا الشفوي ومن الذاكرة الشعبية توجد الأمثال والأغاني التي تعبّر عن وضعية النساءوخضوعهن لسلطة الرجل وأهله فكانت حفلات الزواج بمثابة حفلات تفجع وحسرة وبكاء مضمن بالزغاريد والطبلة .. ففي قريتي بالشمال الغربي كانت النساء تجتمع في أعراس وهي الفرصة الوحيدة لتجتمع الأخوات والقريبات ليتحدثن فمن تتزوج تخرج من بيت الأهل نحو مناطق بعيدة فعلقت هذه الأغنية بذهني :
 قولوا ليامي ناس فريقة رحلوا بيا
قولوا لامي يامي نايا صغيرة وبرانية
قولوا لامي يامي ولد الناس واش جابوا ليا
قولوا لامي يامي امو واختو عملوا فيا
وقولوا لامي يامي ونهار العيد يسوط فيا

وهي أغنية قائمة على التفجع والحزن تغنى بصوت رخيم في أعراس قريتي بالشمال الغربي فتبكي المتزوجات رغم أنهن يحاولن إخفاء هذا  نعود إلى التساؤلات الأولى : لماذا تكتب النساء هذا وقد أتينا على ذكر هدى الشعراوي ثم إنتقلنا إلى الذاكرة الشفوية بالشمال الغربي وهي ضرب من ضروب الكتابة  وكلا النموذجين إشتركا في القهر الذكوري والظلم ضدّهما ولكن النساء إستبطن قهرهن وقبلن به وجعلنه مجرّد شكوى وحزن يبث في الأغاني ولكن هدى الشعراوي وكاتبات كثيرات جعلن من قلمهن سيفا لمحاربة الذكورية وقيمها الإنتقائية ضدّ النساء في مجتمعات الجنوب ومحاكمة ليلى بعلبكي قبل أكثر من عشرين سنة  بتهمة الإبتذال في الكتابة وإثارة الغرائز يؤكد أن القلم النسوي جاهز للمخاطرة بحرية صاحبته لأنّها تؤمن بما تفعل  فالكتابة هي أولى درجات الوعي وربما امنت بهذا امينة السبوعي والتي اشتهرت بفيمن فدونت على جسدها عبارة لن تنسى ولو بعد خمسين سنة  حتى وإن ترهل جسد أمينة أو رحلت عن الحياة : جسدي ملكي وليس شرف أحد فالقلم يدون عن وعي ما تشعر به النساء أو الكاتبة رغم أنها تخاطب قلة قليلة  جدّا في مجتمعات لا تقرأ بل تنتقد ما لا تقرأ وتهاجمه أستحضر في هذا محاكمة الطاهر الحداد  من طرف شيوخ الزيتونة قبل قراءة كتابه .

 المتأمل في كاتبات مجتمعات الجنوب : نوال السعدواي وخلود السباعي وصوفية السحيري ورجاء بن سلامة وزينب معادي وفاطمة المرنيسي وفاطمة ناعوت  وكثيرات  يجد أن الكل إشتركن عن غير قصد ودون وعي ربما في شعورهن بالإضطهاد تجاه الواقع الذكوري الذي سحق حقهن في التحرر والمساواة فهذا الواقع كما يستعمل السلطة السياسية لتفضيل الذكر على الأنثى يستعمل الدين أيضا لتبرير هذا التفاوت الحقوقي بين الجنسين في مجتمعات الجنوب .

ربما تساعد الكتابة في خلق متنفس للنساء اللواتي يشعرن بالظلم الذكوري ولم يتقبلن التبرير الديني والإجتماعي لسحقهن والتنكيل بهن تحت شعارات الخوف عليهن وحمايتهن وقوامة الرجال عليهن .. وربما تشكل الكتابة أولى لبنات الرفض لهذا النظام الذكوري القائم ما قبل الإسلام وما بعده وهي الأرضية الفكرية الأولى لإنطلاق مسيرة التحرر والإنعتاق الكلي من سلطة الذكورة وأفكارها الرجعية ضدّ النساء  .


كتبت خولة الفرشيشي


اقرأ المزيد Résuméabuiyad

عن الحبّ والزواج هنا وهناك

حين يتزوّج الرجل والمرأة في المجتمعات المتقدّمة ف هما بذلك يتوجان قصة حبّ وسلسلة من الطموحات وأحيانا ثمرة حبّ طفل سيولد قريبا وسيضفي على حياتهما الكثير من السعادة ، لا يعتبر الزواج في المجتمعات الحرّة والإنسانية إستثمارا إقتصاديا للأخلاق والعادات والتقاليد بل هو لحظة أختيار حرّ وليس إلزاما أو هربا من صفات العنوسة أو أخرى أخلاقوية تتفنن فيها المجتمعات الذكورية سواء للمرأة أو للرجل الذي يمكن أن تضرب فحولته في مقتل بشائعة ولكن يبقى بأقل حدّة على عكس الفتاة التي تقتل معنويا آلاف المرّات فكم من فتاة مات قبل أجلها لأنّ سمعتها قد ألحقت بها الأذى فعزف عنها الجميع .  
يعتبر الزواج في مجتمعاتنا خاصة لهؤلاء الذين لم يتمكنوا من عيش حياتهم الجنسية في فترة  العزوبية إذ كانت مغامراتهم عبارة عن دروس تطبيقية للإمتحان القادم "ليلة الدخلة" التي مازالت في المخيال الشعبي ليلة الفتح والغزو الذكوري لذلك يعتبر الزواج لدى فئة معينة من المجتمع وهي الفئة الأشدّ إخلاصا لذكوريتها عبارة عن صفقة رابحة مقابل عفة المرأة وعذريتها تسند لها الهدايا والذهب وإقامة الليالي الملاح تعتبر العذرية قيمة إقتصادية هامة يمكن أن تستغلها الفتاة معنويا للحصول على ما ترغب وبرضى الرجل أيضا ، فالرجل هنا سيفوز بوضعين : الفارس الذي سيفتح أبوبا جديدة وسيريق الدم وهو ما يرضي غروره وأخلاقه التي تربى عليها ومن جهة أخرى سيربح علاقة جنسية دائمة تقيه من التشرّد الجنسي وأحيانا الكبت وفي نفس الوقت وجد من ستعتني بطعامه وشرابه ونظافة هندامه  للأسف مازالت هذه العقلية تشتغل بنشاط في مجتمعاتنا حتى وإن لاحظنا تهافتها في بعض الأحيان ولكن مع إنتعاشة الثقافة الأصولية إنتعشت الثقافة الذكورية وعادت مقولات أنّ المرأة لن تدخل الجنة إلا برضى زوجها فأعيد الخوف من غضب الربّ إلى قلوب النساء حتى وإن ظلمن على أيدي الرجال فالجنّة تستوجب الطاعة المطلقة والتغاضي عن ظلمهم .
من العيب أن يساعد الرجل زوجته في أعمال البيت وتحمل أعباء مسؤولية الأطفال هكذا ترى الأمور في مجتمعاتنا فمن يفعل هذا يعتبر في العرف الإجتماعي ناقص رجولة أو عبد زوجته الذي خضع إلى سيطرتها ، فأغلب علاقات الزواج في هذه المجتمعات شبيهة إلى حرب وهمية تديرها الأوهام بضرورة إخضاع طرف على حساب طرف لتسيير الحياة فالزوج والزوجة ليسا خطين متوازيين وليسا في علاقة أفقية تضمن التشارك والتفاهم  بل هما في علاقة عمودية وكأنّها علاقة بين سيّد وعبد بالمقاييس الجديدة تكرّس التمييز ضد طرف في مؤسسة الزواج  .
يموت الحبّ في مجتمعاتنا  رغم أننا أكثر المجتمعات التي كتبت في الحبّ وتغنت به جع موت الحبّ إلى أنّ كل طرف لا يتحمل الطرف الاخر ويقبل كما هو بشخصيته المتفرّدة ، كلّ طرف يسعى إلى السيطرة على الطرف المقابل ومحاولة أن يتشبه به في كلّ شيء فالإختلاف هنا في مجتمعاتنا ضريبة شاقة يدفعها الطرفين وعادة ما يكون سببا في هدم العلاقة ، لم يفهم الأفراد هنا أن الحوار يمكن أن يخفف من وطأة الإختلافات يلغي الخلاف ، فمازال الأفراد هنا يتهربون من المواجهة مع الاخر وشرح وجهات النظر ، فتنتهي أغلب العلاقات هنا بنوع من الخشونة والقسوة وقليلا جدّا أن تجد عكس ذلك .
حدثني صديقي التونسي بفرنسا عن زواجه الناجح بالفرنسية وعن علاقته بأطفاله المبنية أساسا على ثقافة الحوار ففي كلّ مساء يلتئم شملهم على طاولة المشروبات يتحادثون عن تفاصيل يومهم وتفاصيل مشاريع الغد ، إنتقل ذهني هنا  إلى الاف العائلات هنا وكيف تعيش تفككا أسريا هائلا  لغياب ثقافة الحوار ما بين أفراد العائلة ، فالأب يعتقد أنّه بتوفير الأموال قد قام بمسؤوليته كاملة والأم ينهكها العمل خارج وداخل البيت فتستقيل عن تربية الأبناء  وأما الأطفال يكبرون بمعزل عن أوليائهم وربّما يمرّ عمر طويل لم يفهم فيه الوالد ولده ولا الولد والده كلّه جائز بغياب التواصل والحوار فيما بينهم .

إنّ تغيير المجتمع يبدأ أساسا بنسف البنى الفكرية القديمة المكرسة للتفاوت والتمييز بين الجنسين وأول خطورة في طريق الحريّة يبدأ أساسا من العائلة فإن امن الأب والأم بتقاسم الأدوار داخل وخارج المنزل سيساهم هذا في إنتاج جيل أقل عقد من الأجيال السابقة ربما سيكون سببا في تغيير المجتمع وتحريره من الرواسب الثقافية القديمة . 

كتبت خولة الفرشيشي 



اقرأ المزيد Résuméabuiyad

الأحد، 12 أبريل 2015

كيف يصبح الرجل مومسا ؟!

إرتبط مفهوم العهر بالنساء إذ حمل المجتمع قيمه الأخلاقية ومضامينه على جسد المرأة فإن خرجت على المحاذير أصبحت عاهرة وتنزع عنها صفة الشرف ويمكن أن تسقط فتشتغل بجسدها وتصبح مومسا .. أغلب المومسات بدأن مشوارهن المهني بغدر رجل وموت أحلامهن فأصبح التربّح من الجسد حرفة من لا حرفة لها .. لا تبحث المومس عن النشوة والمتعة بل عن من يدفع أكثر فالجسد للجميع والمال لها وحدها .. منذ القدم كان البغاء يوفر فرص عمل للنساء اللواتي رفضهن المجتمع ولفظهن فإخترن الدعارة والإشتغال بها يدير أعمال المومسات مومس متقاعدة أو قوّاد يتربح من شغله معهن بعض الأموال ولم يسبق أن إشتغل رجل بجسده في الدعارة وأطلق عليه لقب مومس … ؟!!!
في السنوات الأخيرة ظهر جيل من الرجال يعمل مومسا عن قصد أو دون قصد .. هؤلاء الذين يبيعون شبابهم لعجائز أوروبا من أجل الهرب من جحيم الفقر والفاقة من بلدانهم الأصلية فلم يعد يهتم بفارق السنوات وبشبابه وجسده الغضّ الذي باعه لجسد مغضن بالتجاعيد والأمراض مقابل ورقة العيش في أوروبا .
وبعد ظهور الفيسبوك والشبكات الإجتماعية أصبح بعض الرجال يتصيدون فرائسهم كمومس محترفة تعرف الزبون الغنيّ من الزبون الفقير .. في أغلب الأحوال يكون هؤلاء من ذوي المظهر الوسيم وذوي اللسان اللبق الذي يستطيع أن يوقع بأجمل النساء وأكثرهن تمنعا … يتقن هذا الرجل المومس البحث عن فريسة ويدرس تفاصيلها جيّدا ويعرف أبواب الدخول إلى قلبها … يحادثها حسب إهتماماتها يرسل لها نكتا وقصائدا ويتواصل معها يوميا حتى يستطيع الإيقاع بقلبها … كثيرات من الفتيات اللواتي جربن الحبّ الإفتراضي وجرّبن لهفة علامة اللايك والتعليق .. كثيران هنّ من تعلق قلوبهن بشبح رجل إستطاع أسر أنظار الفتيات برشاقة تعليقاته وخفة روحه الإفتراضية وكثيرون هم يستخدمون هذه الأساليب للإيقاع بإمرأة .
يبدأ الحبّ إفتراضيا ليتوّج على أرض الواقع بحوالة مالية بعد إصرار كبير في أول الأمر على رفضها فهو السيّد ولكن إصرار الحبيبة أخجله وقبلها بشرط إرجاعها حالما يتوفر على المال الكافي … يبدأ في إثقال كاهل الحبيبة بالطلبات غير المباشرة أنا أحبّك ولكن لا مال لي حتى اتيك بالياسمين والنجوم … حين يفتحها الله عليّ سنبني عشّا جميلا نملأه بالأطفال والورود وغيرها من الوعود الوردية التي تتبخر حين تنتهي المرأة عن إرسال المال وهدايا الماركات العالمية أومضايقته بسؤال متى سنتزوج ؟؟
وفي أنحاء أخرى من العاصمة وتحديدا في المقاهي والحانات الفخمة يتواجد نوع من الشباب الوسيم والأنيق الذي يجلس ليصطاد إحدى الزبونات من النساء اللواتي يعانين من المشاكل الجنسية مع أزواجهن أو العازبات اللواتي فاتهن قطار الزواج فلم يرضين بحكم المجتمع وأخترن الحصول على اللذة ولو خارج الأطر الشرعية وبطريقة غير مباشرة تحصل عميلية العرض والطلب تبدأ بقهوة على الطاولة إلى الجنس على الفراش بمقابل يحدد سلفا تعطيه المرأة للمومس الذكر الذي لا يدرك أنّه يشتغل بجسده بل بالعكس فهو حسب وجهة نظره ذكي وقادر على جلب المال بأسهل الطرق وأصعبها أيضا .
هذه عينة صغيرة من الدعارة الذكورية التي تنشط على الشبكات الإجتماعية وفي الواقع ولكن لا أحد يجرؤ على تسميتها كما يجب فالرجل منزه عن فعل الدعارة في ذهن المجتمع وخاصة في أذهان النساء ولكن هذه العينة تستحق لقب مومس عن جدارة .
كتبت خولة الفرشيشي


اقرأ المزيد Résuméabuiyad

إنتحار الأطفال بتونس يفضح حيف الدولة

عمل المشرّع التونسي على صون حقوق الأطفال وحمايتهم من العنف والإستغلال ويعتبر المشرّع التونسي من أكثر المشرّعات تقدمية في المغرب الكبير والعالم العربي ولكن يبقى التباين شاسعا بين القانون والواقع فمازال إلى اليوم عدد كبير من الأطفال ينقطع عن الدراسة لقلة الموار المالية ويلتحق بمهن شاقة لا تتناسب مع بنيته الصحية ومازال عدد كبير من الأطفال يمارس ضدّه العنف داخل العائلات والمؤسسات التربوية ومؤخرا في سنة 2014 شكل إنتحار الأطفال ظاهرة مفزعة إذ بلغ عدد حالات الإنتحار إلى 18 حالة وتواصلت مع السنة الجديدة إذ أقدمت خمس فتيات هذا الأسبوع من منطقة بازينا من ولاية بنزرت على محاولة الإنتحار .
يطرح السائل كيف يمكن لطفل أن يقبل على الإنتحار كحل لحياته هل وصل الطفل إلى مرحلة الوعي والنضج بما يعيشه مثله مثل البالغ العاجز الذي ترك كل شيء وراءه خوفا وعجزا وإختار الموت ليريحه من المشاغل والمسؤوليات … ؟ هل كبر الطفل في تونس إلى درجة أنّه لم يعش طفولته في اللعب والبراءة والحلم بل أجبر على تعويضها باليأس والحزن ؟.
المتأملّ في حالات الإنتحار يرى أنّها حدثت بأشدّ المناطق فقرا بتونس وهو ما يحمّل الحكومات المتعاقبة بعد 14 جانفي المسؤولية قبل غيرها نذكر أن حراك 17 ديسمبر إنطلق أساسا من حادثة إنتحار محمد البوعزيزي بعد تعرّضه للظلم والمهانة بعدها إنطلقت المسيرات والإحتجاجات تحت راية الشعارات الإجتماعية وأولها العدالة الإجتماعية ، بعد خمس سنوات من إسقاط رأس النظام مازالت المناطق الفقيرة فقيرة ومازالت المناطق المترفة غنيّة ومازال الفقير يعيش غربته في بلاده يعمل ولا يفي أجره بمتطلبات أدنى الحياة الكريمة .
لماذا تحملّ الدولة المسؤولية في حالات الإنتحار ربما يتبادر هذا السؤال إلى ذهن أحدكم لسبب بسيط لأنّها جعلت من الحيف شعارها وطبقته بين مناطق البلاد فخلقت من ظلمها مناطق الرفاه الإجتماعي ومناطق الفقر والقهر .. مناطق تنتج كبار الموظفين لأنّهم تمتعوا بفرص التعليم والصحة ومناطق أخرى تنتج الخدم وعمال الحضائر لأنهم حرموا من التعليم نذكر هنا حادثة إنتحار فتاة الثانية عشر شيراز بمنطقة العلا من ولاية القيروان هربا من ظروف المبيت القاسية ومن ظروف أهلها المادية حتى لا تحملهم ما لا طاقة لهم نحن لا نتحدث هنا عن دولة إشتراكية بل نتحدث عن دولة ديمقراطية تطبّق مبدأ تكافؤ الفرص في الصحة والتعليم بين جميع أطفال الجمهوية كالشمال والجنوب كما الوسط فمسؤوليتها أخلاقية تجاه مواطنيها دافعي الضرائب ولكن يبدو أنّ الأمر في تونس مختلف فأطفال بعض المناطق أقلّ درجة من المناطق الأخرى رغم أنّ أوليائهم من دافعي الضرائب أيضا نكر هنا معاناة أهالي بعض ولايات الجنوب في مجال الصحة إذ تفتقد ولاياتهم على مؤسسات صحية جيّدة تمكنهم من العلاج دون الحاجة إلى النقل مئات الكيلمترات إلى ولايات أخرى .
إنتحار الأطفال بتونس يفضح بؤس واقعنا وما وصلنا إليه من إنهيار القيم وتردّي الأوضاع الإجتماعية بعد غلاء المعيشة وإرتفاع نسب البطالة وغياب شعور الأمان في الوطن وتفشي ظاهرة العنف اللفظي والمادي داخل المؤسسات التربوية كل هذا يجعلنا أن ندقّ ناقوس الخطر ألف مرّة والعمل على تعديل المناهج التعليمية من التلقين إلى التفكير والنقد والإعتماد على الأسلوب التفاعلي قبل أسلوب الحفظ والخوف ومتابعة الإعلام ومضامينه خاصة تلك الرسائل السلبية والتي ظهرت مؤخرا فيما يخص إضراب الأساتذة إذ عمدت بعض الوسائل الإعلامية على حشد الكره الشعبي للمربين والعمل على إصلاح الأسرة التونسية التي تعاني من التفكك الأسري وغياب التواصل بين أفرادها .. كلّ هذا مسؤولية الجميع من أفراد ومؤسسات وعلى الجميع أن يتحملها خاصة الدولة التونسية التي عليها اليوم النظر بعيدا عن مناطق الساحل والشمال إلى مناطق أكثر بعدا وبؤسا والعمل على الإصلاح الجذري على أرض الواقع لا في وسائل الإعلام .
كتبت خولة الفرشيشي

اقرأ المزيد Résuméabuiyad

السبت، 14 مارس 2015

أحدثت تصريحات المفكر التونسي محمد الطالبي ضجة كبيرة بتونس بعد ظهوره الإعلامي بعديد البرامج التونسية وإعلانه أنّ القران لا يحرّم شرب الخمر نذكر أن جمعية المسلمين القرانيين قد أصدرت الشهر الفائت بيانا حول جواز شرب الخمر ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينشغل المجتمع التونسي بتصريحات محمد الطالبي أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية والذي يقدّم نفسه مسلما قرانيا يستلهم من القران الأحكام غير ابه بقراءات شيوخ السنة والشريعة .

وكانت ردّات الفعل متفاوتة بين القبول و الصدمة من المجتمع التونسي الذي إنشغل بالتصريحات النارية للدكتور محمد الطالبي فشق من الناس يعتبر الطالبي كافرا زنديقا وأنّ تصريحاته تساعد في نشر الفساد الأخلاقي وشقّ اخر يعتبر أن محمد الطالبي أشعل الشرارة الأولى للثورة الفكرية التي تأخرت كثيرا في المجتمعات الإسلامية التي ساعدت بمؤسساتها الفقهية في خنق العقل النقدي بطرق عدّة كعزل صاحبه وتكفيره وصولا إلى قتله والتنكيل به .

لعبت الشريعة الإسلامية دورا مهما في تكوين شخصية المسلم فهي ساهمت في تحديد وضبط حدود العقل الإسلامي الذي لا يستطيع التحليق خارج حدود الشريعة ، نذكر أنّ الشريعة مستندة أساسا على الأحاديث النبوية والتي كتبت إنطلاقا من القرن الثالث للهجرة وهو ما يعتبره القرانيون مفتقدة للصحة خاصة تلك التي لا تتوافق مع النص القراني فالمسلم مستسلم بطبعه للنصوص والشيوخ وينكر كل تقدّم أو تطوّر في فهم النص المقدّس بل ويذهب إلى رفض كل مستحدث وقد شهد التاريخ الإسلامي حوادث إعدام بترحاب العامة بحق العديد من المفكرين بتهمة الردّة والكفر .
جاءت تصريحات محمد الطالبي في مجتمع ذو غالبية مسلمة صحيح أنّه لا يشبه غيره من المجتمعات الإسلامية المنغلقة إذ يتمتع المجتمع التونسي بهامش حرية عن غيره من المجتمعات الإسلامية الأخرى ولكنّه يبقى رهين الفكر المنغلق بشأن المسألة الدينية وقد إنعكس هذا على ردّات الفعل تجاه التصريحات الأخيرة ليصطف المسلم العادي إلى جانب الشيوخ في تكفير الطالبي وإن كان ضمنيا وغير مصرحا به ولكن يبقى الإستهجان والتبرؤ من الطالبي شكلا دفاعيا عن المنظومة المنغلقة على نفسها والتي تخاف فتحها من الخارج .
رغم الجدل القائم في تونس حاليا حول تصريحات الطالبي بشأن تحليل الخمر والبغاء إلا أنّي أعتبره خطوة إيجابية في طريق الدراسة والتمحيص وإعادة النظر في التراث الإسلامي وفي 14 قرنا من المعرفة الإسلامية فتحليل الخمر والبغاء خطوة أولى لفتح ملفات عالقة وشائكة حول علاقة الدين بالحرية خاصة وأنّ الإسلام الدموي يعود من جديد في ليبيا وسوريا والعراق وما يفعله التنظيم الأكثر دموية داعـــش في العصر الحديث من إساءة للذات الإنسانية ، فالطالبي هنا قد ضحى بصورته ربّما كما يعتقد كثيرون ولكنّه قدّم نفسه فداء للمعرفة النقدية وإعادة النقد في تراثنا الإسلامي الذي لم تطاله العقول وبقي مخزونا لا شعوريا يعتمد أساسا على أحاسيس والمخزون العاطفي للمسلم لا على عقله .
إنّ الطالبي وجمهور المؤيدين له رغم الإختلافات الفكرية يساهمون عن وعي لثورة فكرية ستعصف بعروش الشيوخ الحاكمين لهذه المجتمعات فالحاكم العربي لا يستطيع البقاء دون تزكية الشيخ كما هو الحال في بلدان الخليج وكما بدأت تونس أول الثورات السياسية في العالم العربي ربما ستساهم أيضا في إندلاع الثورة الثقافية التي بدونها لن تتقدم مجتمعاتنا .
كتبت خولة الفرشيشي

اقرأ المزيد Résuméabuiyad