معرض المواضيع

الخميس، 2 يوليو 2015

عين على الجنس في الغرف المغلقة

يحظى الجنس بمكانة هامة لدى الفرد في مجتمعاتنا ، يولد وتكبر معه الهواجس والهوامات الجنسية ، دون تفسير أو إحاطة عائلية، فالجنس في هذه المجتمعات يتناول بنوع من التخويف والتقديس والتحقير أيضا، يمكن للرجل أو للمرأة أن يهدد صديقه أو صديقتها بقول : سأنكحك ويمكن أن يصف الفرد يومه قائلا : كان يوما منكوحا .. وهكذا يعيش الفرد في هذه المجتمعات لا يعرف ما معنى الجنس وهل هو مقدّس أو مدنس وهل هو عقاب أم متعة ..
ولأنّ الجنس موضوع غامض ومحرّم ،في هذه المجتمعات ، يمكن للمرأة المحافظة والمتدينة أن تبقى عذراء ،حتى في عمر التسعين دون أن يطمثها رجل ، ودون أن تعرف لذّة المتعة الجنسية ، لذلك تجتهد المرأة في الإبقاء على بكارتها كشرط الزواج ، وأن تعيش تهويماتها الجنسية في الخيال ، أو من خلال أحاديث النساء المتزوجات ، أو في لقطة عابرة في فيلم يجمع البطلين في لحظات حميمية …
ويبقى الرجل يتنقل في اللحظات العابرة ، بين النساء العابرات في فراشه ،يتعلم معهن وفيهن تمارين الجنس ، فكلّ إمرأة تمرين لإمرأة قادمة ، فيتعلم الرجل الجنس دون أن يتعلم الحبّ ،وكيف تتماهى مشاعره مع لذّة الجسد ، وكيف أن الجنس تتويج لمشاعره ، وليس مجرّد إشباع للغرائز ونشاط قضيبي فرجي ينتهي بقذف .
يتزوّج الفرد في مجتمعاتنا رجلا أو إمرأة لأنّ أغلب الشروط متوفرة في الطرف المقابل يتزوّج الفرد ويظل طول عمره يبحث عن الحبّ في الواقع والخيال … وليلة الدخول مازالت تحظى بالقداسة والإهتمام الكلّ يهتم بالتفاصيل وهل تمّ الهناء أي إفتضاض البكارة فيثبت أهل البنت شرفهم وأهل الرجل فحولته .. يمارس الرجل الجنس مع زوجته في الواقع ولكن خياله يرحل مع نهدي هيفاء وهبي ومؤخرة جنيفر لوبير وثغر إليسا وقوام نانسي عجرم … أو ينام معها كأنّها تلك الفتاة التي مرّت أمام المقهى أو نادلة الحانة التي أدارت رقاب الزبائن فيغرق في ظلام الغرفة التي تخفف عنه وطأة الواقع …
تحلم المرأة وهي تمارس الجنس مع زوجها بحنوّ مهند بطل المسلسلات التركية وبقبل براد بيت وهي ترحل بخيالها بعيدا عن التمارين الجامدة دون روح ودون حبّ فيتهيأ لها زوجها رجلا من الرجال الذين تحبّ وتحلم فتفتح فخذيها وفرجها ولكنّ قلبها وخيالها لرجل اخر غير ذلك على السرير فتمرّ العملية الجنسية بينهما مع طرف متخيل حيث يكون كل واحد منهما مع الشخصية التي يحلم بمجامعتها ويصبح الجنس واجبا لا مفرّ منه يجب أن ينفذ حتى لا تفقد مؤسسة الزواج إحدى ركائزها المهمة : الجماع .
يخون الرجل زوجته والزوجة زوجها ،دون أن يعرفا ، حقا طرفا ثالثا على أرض الواقع فلحظة الجنس بينهما معبر كل واحد منها إلى متخيل في فيلم أو عند منعطف أو ذات نظرة شبقة عابرة ، ولكن خيانة الفكر والقلب أشدّ وطأة من خيانة الجسد فهي تهبه جسدها دون روح فهي الجسم المستهلك اليومي في السرير العائلي فجسدها مستعص عليه كقلبها وخيالها تماما هو كذلك فهو جسم دون روح وشهوة وشبق .
يمارس الرجل الجنس مع زوجته ، ويتمنى أن تفعل ، كما كانت تفعل عشيقاته ، قبل أن يتزوّج ولكن لا يحاول فتح الموضوع معها ،حتى لا يفقد هيبته وإحترامه، وتتمنى الزوجة أشياء في العملية الجنسية ،لا تقدر على المطالبة بها ، حتى لا تفقد حياءها ، وحتى لا تتهم بالفجور ، فتمرّ طقوس الجنس في الغرف المغلقة والمحروسة والمظلمة ، مملة رتيبة لا روح فيها ولا حبّ فتموت الأرواح ، وتذبل الأجساد ، ويصبح الجنس واجبا يوميا متكررا .
حين يتحرر الفكر في مجتمعاتنا ،ويتحرر العقل، سيتحرر الجسد ،وقتها لن تكون الخيانة ميزة الغرف المغلقة والمحروسة بالعادات والتقاليد ، وسيقبل الفرد على الجنس، كطقس من طقوس الحياة والحب والفرح يؤكد عشقه وحبه للطرف المقابل …
ستنتهي الخيانة ،وسيعمر الحبّ هذه المجتمعات، وسيكتفي الطرفان الرجل والمرأة بجعل كل طرف منهما ، نبعا متجددا ومراة عاكسة لإهتزازات الروح وتوجسها .
فيكون الجسد صدى للروح في إعتمالاتها الباطنية السرّية جدّا ، فأن يتحابا بعد غياب ،فيهدى الجسد للحبيب على إيقاع اللقاء ، أو أن يتحابا في لحظة غيرة أو بعد لحظة مهيئة على ضوء الشموع ، فيصبح الجنس قصيدة لها إيقاعها وبحرها وتفعيلتها ورائحة اللحظة التي تتغير بعد فراق ،خصام، غياب، غيرة ،إنسياب، وجموح شهوة .
الجنس هو صهيل الروح في الجسد وهو إنحراف جسدين نحو نجمة واحدة ينصهران في في شعاع ضوء .
كتبت خولة الفرشيشي



اقرأ المزيد Résuméabuiyad

الحــــــورية والجهــــــادي

وعد الله المسلمين في النص المقدّس ” سكان شبه الجزيرة العربية ” أوّل من أمن بالرسالة المحمدية بنكاح الحوريات اللواتي لم يطمثهن جان ولا إنس واللواتي تتجدد بكارتهن بعد كل عمليه إيلاج كمشهد يصوّر الغزو المستمرّ وقد عرف عن سكانّ شبه الجزيرة العربية إفتتانهم بالنساء والجنس والحرب وقد تخصصت بعض الأحاديث النبوية في صلب موضوع النكاح واداب معاشرة الزوجة ، وكان النبيّ محمد قدوة حسنة لأتباعه في سلوكه الجنسي تجاه زوجاته وجواريه ، لم يكن الجنس مرتبطا بالدنس الذي يبعد العابد عن المعبود بل بالعكس كان مرغبا فيه وقد حثّ عليه النبيّ في عدّة أحاديث أشهرها : ” تناكحوا تناسلوا” هذا وقد وقع تنظيم الجنس في الإسلام فله ادابه ومحرّماته كباقي العبادات والأخلاق والعلاقات الإجتماعية .
وصف النص المقدس عملية نكاح الحوريات بكثير من الترغيب والتشويق في مشهد فنيّ بونوغرافي حلال يجمع بين الحورية والخمرة والرجل الناكح الفائز بالجنّة التي صورت قبل 14 قرنا بما يحلم به هؤلاء الذكور المؤمنين انذاك فتحبيب ذكور المسلمين في الجنة إقترنت بطموحاتهم الحسيّة والتي كانت من ضمن الأسباب الأساسية في الإنصياع الى سلطان محمد النبي ومحمد الحاكم السياسي وهو ما يضمن لذاتّ الجنة وخيراتها فخرج المؤمنين للقتال طامحين في السبايا والغنائم أو في الإستشهاد لنيل نكاح الحوريات والتمتع بأنهار الخمر الحلال الذي حرّم في الدنيا وحللّ في الاخرة .
بعد 14 قرنا تجددت مقولة الجهاد ونشطت الهوامات الجنسية حول الحوريات ليس لدى عرب الجزيرة فقط لتنتقل العدوى حتى إلى ابناء المغرب الكبير الذين شكلوا رقما مفزعا في نسبة المقاتلين لدى تنظيم داعش فكان ما يسمى بالجهاد في سوريا والعراق مرتبطا بحضور الأنثى التي تسبى لتكون في الخدمة الجنسية للمقاتلين كما حضرت الحوريات في خطب الشيوخ لترغيب الشباب في الذهاب إلى البؤر الساخنة للقتال هناك فكانت من نقاط جذب المقاتلين “الجنس” فإرتبطت قداسته بقداسة الجهاد وكان الوجه المخفي له والأكثر إحتفاء ومتعة من بدلة القتال وسلاح الكلاشنكوف ، فالجهاد ليس الموت في سبيل الشهادة بل هو أيضا متعة التمرغ في اللذة الدنيوية من نكاح النساء (اللواتي لم تتغير وضعيتهن منذ 14 قرنا فهن من كماليات الحياة الذكورية في الدنيا والاخرة) والتنقل بالسيارّات الفارهة وسبي النساء والأكل الجيّد قبل المتعة الأخروية في التمرّغ على أجساد الحوريات اللواتي ينتظرن المجاهدين لإفتضاض بكارتهن على أبواب الجنّة حسب المخيال الإسلامي .
تدفقت اللذّة الحسيّة بغزارة في مناطق الجهاد والذي وظفّ القائمين عليه الجنس كأحد أهمّ عناصر إستقطاب الرجال والشباب الذي يعيش حرمانا وكبتا لخيالاته وهواماته الجنسية سواء لإعتبارات قانونية كمنع الزواج بأربع أو لإعتبارات إقتصادية لعجز توفير المطالب المادية لضرورة النكاح ، فلعبت السبايا من مختلف الجنسيات بالإكراه واللواتي وقعن في أسر تنظيم داعش وحوريّات الجنّة دور فتاة الاشهار على الطريقة الاسلامية التي لا يراها المجاهد ولا يتأكد من حسنها ولكن يسمع عن جمالها وسهولة ممارسة الجنس معها فإكتشفت الأذن قبل العين جمال سبايا الجنس في أراضي ما سميّ بالجهاد إنقلبت كلّ الأشياء والمعايير الأخلاقية والتي وظفت أساسا لمصلحة الديني السياسي المسلح بتواطؤ الشيوخ الذين لعبوا دور القائم على بيوت الدعارة لجذب سيّاح الجنس بطريقة تجارية تحت غطاء دينيّ بالحديث عن الحوريات اللواتي تنتظر المجاهدين على أول عتبات الجنّة .
يطرح موضوع علاقة الجهادي بالحورية وبالجنس أسئلة حارقة أولها هل مازال الوعي الجمعي الإسلامي في نفس مرحلة ما قبل 14 قرنا يطمع بحورية بل بالالاف منها رغم تحرر المجتمعات وتحرير الجنس ونسبة الحرية التي يعيشها هنا وهناك وهل مازالت الحورية تشكل مطمعا كبيرا للجهاديين وسببا في إستشهادهم طبعا بعد حلمهم ببناء الدولة الإسلامية ترى لو عشنا ثورة الجسد كما عاشتها أوروبا هل سيكون الان جهاديون وخطاب حول حوريات العين ؟
كتبت خولة الفرشيشي


اقرأ المزيد Résuméabuiyad

مكانة الأنثى في المجتمعات الذكورية


الصورة الأولى :  
كان شعرها أسود فاحما وناعما يغطي كتفيها العاريتين … كانت تثير كل العيون المتطفلة وتدير كل الرقاب … صوت كعب حذاءها يمكن أن يحدّد إتجاه كل الرجال فالكل معدل على صوت الكعب العالي كانت تتقن الإبهار الجسدي كما تتقن الراقصة إدارة خصرها وهي تستمع بتهييج الذكور وعشقهم لها .
الصورة الثانية :
كانت محجبة تستفيق أول إنبلاج الفجر مع صوت المؤذن الذي يعلو كلما تأكدّ أنّ الناس نيام ولم يسمتع أحدهم إلى نصيحته الخالدة : الصلاة أفضل من النوم .. حيّ على الصلاة .. حيّ على الفلاح .. تخاف من كشف زينتها للغرباء تهرول في مشيتها وتقرأ القران طول الوقت … تعتقد أنّها فتنة الشيطان على الأرض فتقربت إلى الربّ بالصلوات الكثيرة والتي عجزت عن عدّ ركعاتها فهي لا تتوقف عن السجود والركوع إلا حين يأخذها التعب وتقرّبت لذكور عائلتها بالطاعة أباها وأخاها وأخوالها فهم كلّ القوامين عليها .
الصورة الثالثة :
 بنتين متشابهتين في الأفكار إحداهما لبست الحجاب والأخرى كشفت شعرها .. يدرسان ويطالعان ويناضلان ضدّ الهيمنة الذكورية في البيت والشارع والدولة … إختلفتا في الهندام وإتفقتا في الأفكار.
الصورة الرابعة :
يحاول أن يكون مثقفا عن بني جنسه تقدميا ليس كذلك السلفي الذي أقرّ بعهر النساء التونسيات أو كذلك الليبرالي الذي إختزل ليبراليته في العلاقات الجنسية المتحررة .. يحاول أن يؤمن بأنّ المرأة شريك في العلاقة وليس مجرّد كائن وتابع ولكنّه يفشل حين يفكر أن للمرأة ماض سبقه إلى جسدها تتقن ممارسة الحبّ كم تتقن الخطابة والفصاحة والحديث في الفلسفة والأدب … يقول أنّ كل هذا رائع وجيّد ولكنه لم يقبل إلى الان إمرأة جربت كلّ الأشياء قبله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما تزال المرأة في هذه المجتمعات ذات الغالبية المسلمة بين فكرتين فكرة المرأة العورة والفتنة والتي يجب حصارها أو فكرة المرأة الشبه عورة ويمكن التضييق عليها قليلا دون محاصرتها كليّا رغم أن الفكرة الثالثة وهي أنّ المرأة شريك فاعل وليس تابعا خاضعا لإملاءات الذكورة مازالت هذه الفكرة تحاول أن تولد في مجتمع قاس كهذا … مخاضها صعب يقتنع بهذا كل من امن بها .
تولد النساء في هذه المجتمعات ذات الغالبية المسلمة في صيغة رقيق يحدّد قوانين إسترقاقه ذكور العائلة والقبيلة فهم من وضعوا القوانين العامة والمحدّدة لمكانة المرأة داخل المجتمع وتبقى مفردات الشرف العائلي والأخلاق الحميدة عنوانا كبيرا لضبط تحرّك المرأة في الفضاء الإجتماعي فقد إتفق المخيال الجمعي بضرورة قبرها ولو صوريا قبرها في البيت أو في الشارع وبكمية القوانين والأخلاق الزجرية التي تكبّلها وتعطل مسيرة تحررها .
نعود إلى الصور الأربع الأولى بعض النماذج في هذه المجتمعات ذات الغالبية المسلمة والي أفرتها هذه البيئات المثالية على المستوى الظاهر والمعقدّة والمريضة باطنا ، صحيح أن المتأمل في مجتمعاتنا هذه سيجد أن هناك السافرات الجميلات اللواتي يشبهن نجمات هولييود لا ينقصهن شيء عنهن سوى أصولهن العربية أو الإفريقية والأمازيغية .. فالواقع في هذه المجتمعات لا ينفصل كثيرا عن الواقع العالمي وترويج صورة مستهلكة عن النساء كأيّ بضاعة تخضع لشروط العرض والطلب لذلك لم يشّذ النموذج الأول عن هذه القاعدة وبقي فيّا لأخلاق الرأسمال العالمي الذي روّج للمرأة في المجتمعات الإستهلاكية وسلعها ونزع عنها قيمتها الإنسانية .
وفي أوساط كثيرة من مجتمعاتنا الهشة فكريا والشعبية رغم تحدثها الظاهر إلا أنّها مازالت تعاني أزمة الإنتقال إلى الحداثة وقيمها وعدم الإكتفاء بمظاهرها المريحة والمرفهة فقط وقد إنعكس هذا على وضع المرأة في الصورة الثانية الذي أبدّه منذ قرون خلت فالمعايير القروسطية هي التي جعلت من المرأة كائنا شيطانيا عليه التطهر امن بهذا الرجال وإستبطنته النساء رغم محاولات جيل كامل من الصورة الثالثة المضي في مسيرة التحرر سواء من داخل المنظومة الرسمية أقصد هنا الثقافة الأصولية التي مازالت تنتعش في حاضرنا كالبحث عن الجوانب المشرقة والمضيئة فيها أو القطع معها والإنصهار في القيم الكونية والعالمية التي تحفظ المرأة من تبعات الإستغلال الذكوري .
تبقى الصورة الرابعة هي صورة الرجل في هذه المجتمعات وهو في مسيرة الشبه تحرر وهي مسيرة شاقة جدّا وسيأتي يوم ما وستتخلص الأجيال القادمة من تبعات الأخلاق الذكورية التي طبعت على جسد المرأة وعنونت بها حضورها وإعتبار المرأة كلا لا يتجرّا وأن جسدها ليس كيانا قائما بذاته .
النضال من أجل حقوق المرأة مسيرة شاقة ولكنّها تستوجب التضحيات حتى تتقدّم مجتمعاتنا فبتقدم المرأة تتقدم المجتمعات وكلما لمت وإنتهكت حقوقها ينعكس هذا جليا على ظاهر وباطن المجتمعات .
كتبت خولة الفرشيشي 









اقرأ المزيد Résuméabuiyad

لماذا تكتب المرأة في مجتمعات الجنوب ... ؟

هل يمكن أن تمنح الكتابة قيمة مضافة لقضيّة المرأة في واقع ذكوري تميّز بالحيف ضدّها وإقصاءها .. وهل يمكن أن تساهم الكتابة بعد فضح الميز العنصري في تحرير المرأة أو أنّ الكتابة فعل ترف وبهرج لا يتعلق سوى بالبومي للكاتبة ورؤيتها الفكرية الذاتية التي لا يمكن أن تتقاطع مع المخيال الجمعي وقيمه التي تحظى بالتوافق ... سؤال اخر لماذا تكتب المرأة في مجتمعات الجنوب ؟

في كلّ مرّة  أطرح هذا السؤال لماذا أكتب وأنشر مقالا يتفاعل معه عشرات ومئات الأشخاص ثم ينسى ويركن في الرفّ مع الأشياء القديمة ... لماذا أكتب ولماذا تكتب النساء في مجتمعات الجنوب التي لا يعيبها أن تكون ذكورية بل وتدافع عن ذكوريتها وتخترع في كلّ مرّة اليات حماية نظامها الذكوري الذي تاكل وإهترأ ولكنّه لم يسقط ولم ينهار مرّة واحدة .. ربما لوقوف الدين ورجاله إلى جانب هذا النظام الذكوري .

في مجتمعات الجنوب وقفت بعض النساء ضدّ التيار الذكوري وتحدين بالقلم والساعد ، كانت هدى الشعراوي من أول المصريات اللواتي في القرن التاسع عشر من تحدين أنظمة القهر ضدّ النساء فناضلت من أجل المساواة في مصر ربما لما إستبطنته من مشاعر الظلم والميز  ضدّها ومن أقرب الناس إليها  أقصد من عائلتها  في طفولتها وصولا إلى زواجها في سنّ مبكر  فحاولت الخروج عن سلطة القبيلة والمجتمع وقيمه التي تهضم حقوق المرأة فكانت أول خطوة في مشوارها النضالي إصدار مجلة " إجيبسيان " أي المصرية باللغة الفرنسية من بعدها ناضلت هدى الشعراوي في صلب هياكل نسوية تطالب بحقوق النساء .
 
كانت ظروف المرأة قبل أربعة عشر قرنا  وإلى يومنا هذا  في بعض  مجتمعات الجنوب أشبه بمكانة البقر في مزارع الفلاح تعلف جيّدا لتحلب وتنجب عجولا دون الحديث عن ظروفها وحقوقها المهم أن تكون صامتة حتى لا تقتل وحتى لا تطلق فكلمة طالق قارة على فسخ العقد الزوجي إلى يومنا هذا في بعض بلدان الجنوب  ذات الغالبية المسلمة  لذلك كانت النساء يعبرن بالكلمة وفي تراثنا الشفوي ومن الذاكرة الشعبية توجد الأمثال والأغاني التي تعبّر عن وضعية النساءوخضوعهن لسلطة الرجل وأهله فكانت حفلات الزواج بمثابة حفلات تفجع وحسرة وبكاء مضمن بالزغاريد والطبلة .. ففي قريتي بالشمال الغربي كانت النساء تجتمع في أعراس وهي الفرصة الوحيدة لتجتمع الأخوات والقريبات ليتحدثن فمن تتزوج تخرج من بيت الأهل نحو مناطق بعيدة فعلقت هذه الأغنية بذهني :
 قولوا ليامي ناس فريقة رحلوا بيا
قولوا لامي يامي نايا صغيرة وبرانية
قولوا لامي يامي ولد الناس واش جابوا ليا
قولوا لامي يامي امو واختو عملوا فيا
وقولوا لامي يامي ونهار العيد يسوط فيا

وهي أغنية قائمة على التفجع والحزن تغنى بصوت رخيم في أعراس قريتي بالشمال الغربي فتبكي المتزوجات رغم أنهن يحاولن إخفاء هذا  نعود إلى التساؤلات الأولى : لماذا تكتب النساء هذا وقد أتينا على ذكر هدى الشعراوي ثم إنتقلنا إلى الذاكرة الشفوية بالشمال الغربي وهي ضرب من ضروب الكتابة  وكلا النموذجين إشتركا في القهر الذكوري والظلم ضدّهما ولكن النساء إستبطن قهرهن وقبلن به وجعلنه مجرّد شكوى وحزن يبث في الأغاني ولكن هدى الشعراوي وكاتبات كثيرات جعلن من قلمهن سيفا لمحاربة الذكورية وقيمها الإنتقائية ضدّ النساء في مجتمعات الجنوب ومحاكمة ليلى بعلبكي قبل أكثر من عشرين سنة  بتهمة الإبتذال في الكتابة وإثارة الغرائز يؤكد أن القلم النسوي جاهز للمخاطرة بحرية صاحبته لأنّها تؤمن بما تفعل  فالكتابة هي أولى درجات الوعي وربما امنت بهذا امينة السبوعي والتي اشتهرت بفيمن فدونت على جسدها عبارة لن تنسى ولو بعد خمسين سنة  حتى وإن ترهل جسد أمينة أو رحلت عن الحياة : جسدي ملكي وليس شرف أحد فالقلم يدون عن وعي ما تشعر به النساء أو الكاتبة رغم أنها تخاطب قلة قليلة  جدّا في مجتمعات لا تقرأ بل تنتقد ما لا تقرأ وتهاجمه أستحضر في هذا محاكمة الطاهر الحداد  من طرف شيوخ الزيتونة قبل قراءة كتابه .

 المتأمل في كاتبات مجتمعات الجنوب : نوال السعدواي وخلود السباعي وصوفية السحيري ورجاء بن سلامة وزينب معادي وفاطمة المرنيسي وفاطمة ناعوت  وكثيرات  يجد أن الكل إشتركن عن غير قصد ودون وعي ربما في شعورهن بالإضطهاد تجاه الواقع الذكوري الذي سحق حقهن في التحرر والمساواة فهذا الواقع كما يستعمل السلطة السياسية لتفضيل الذكر على الأنثى يستعمل الدين أيضا لتبرير هذا التفاوت الحقوقي بين الجنسين في مجتمعات الجنوب .

ربما تساعد الكتابة في خلق متنفس للنساء اللواتي يشعرن بالظلم الذكوري ولم يتقبلن التبرير الديني والإجتماعي لسحقهن والتنكيل بهن تحت شعارات الخوف عليهن وحمايتهن وقوامة الرجال عليهن .. وربما تشكل الكتابة أولى لبنات الرفض لهذا النظام الذكوري القائم ما قبل الإسلام وما بعده وهي الأرضية الفكرية الأولى لإنطلاق مسيرة التحرر والإنعتاق الكلي من سلطة الذكورة وأفكارها الرجعية ضدّ النساء  .


كتبت خولة الفرشيشي


اقرأ المزيد Résuméabuiyad

عن الحبّ والزواج هنا وهناك

حين يتزوّج الرجل والمرأة في المجتمعات المتقدّمة ف هما بذلك يتوجان قصة حبّ وسلسلة من الطموحات وأحيانا ثمرة حبّ طفل سيولد قريبا وسيضفي على حياتهما الكثير من السعادة ، لا يعتبر الزواج في المجتمعات الحرّة والإنسانية إستثمارا إقتصاديا للأخلاق والعادات والتقاليد بل هو لحظة أختيار حرّ وليس إلزاما أو هربا من صفات العنوسة أو أخرى أخلاقوية تتفنن فيها المجتمعات الذكورية سواء للمرأة أو للرجل الذي يمكن أن تضرب فحولته في مقتل بشائعة ولكن يبقى بأقل حدّة على عكس الفتاة التي تقتل معنويا آلاف المرّات فكم من فتاة مات قبل أجلها لأنّ سمعتها قد ألحقت بها الأذى فعزف عنها الجميع .  
يعتبر الزواج في مجتمعاتنا خاصة لهؤلاء الذين لم يتمكنوا من عيش حياتهم الجنسية في فترة  العزوبية إذ كانت مغامراتهم عبارة عن دروس تطبيقية للإمتحان القادم "ليلة الدخلة" التي مازالت في المخيال الشعبي ليلة الفتح والغزو الذكوري لذلك يعتبر الزواج لدى فئة معينة من المجتمع وهي الفئة الأشدّ إخلاصا لذكوريتها عبارة عن صفقة رابحة مقابل عفة المرأة وعذريتها تسند لها الهدايا والذهب وإقامة الليالي الملاح تعتبر العذرية قيمة إقتصادية هامة يمكن أن تستغلها الفتاة معنويا للحصول على ما ترغب وبرضى الرجل أيضا ، فالرجل هنا سيفوز بوضعين : الفارس الذي سيفتح أبوبا جديدة وسيريق الدم وهو ما يرضي غروره وأخلاقه التي تربى عليها ومن جهة أخرى سيربح علاقة جنسية دائمة تقيه من التشرّد الجنسي وأحيانا الكبت وفي نفس الوقت وجد من ستعتني بطعامه وشرابه ونظافة هندامه  للأسف مازالت هذه العقلية تشتغل بنشاط في مجتمعاتنا حتى وإن لاحظنا تهافتها في بعض الأحيان ولكن مع إنتعاشة الثقافة الأصولية إنتعشت الثقافة الذكورية وعادت مقولات أنّ المرأة لن تدخل الجنة إلا برضى زوجها فأعيد الخوف من غضب الربّ إلى قلوب النساء حتى وإن ظلمن على أيدي الرجال فالجنّة تستوجب الطاعة المطلقة والتغاضي عن ظلمهم .
من العيب أن يساعد الرجل زوجته في أعمال البيت وتحمل أعباء مسؤولية الأطفال هكذا ترى الأمور في مجتمعاتنا فمن يفعل هذا يعتبر في العرف الإجتماعي ناقص رجولة أو عبد زوجته الذي خضع إلى سيطرتها ، فأغلب علاقات الزواج في هذه المجتمعات شبيهة إلى حرب وهمية تديرها الأوهام بضرورة إخضاع طرف على حساب طرف لتسيير الحياة فالزوج والزوجة ليسا خطين متوازيين وليسا في علاقة أفقية تضمن التشارك والتفاهم  بل هما في علاقة عمودية وكأنّها علاقة بين سيّد وعبد بالمقاييس الجديدة تكرّس التمييز ضد طرف في مؤسسة الزواج  .
يموت الحبّ في مجتمعاتنا  رغم أننا أكثر المجتمعات التي كتبت في الحبّ وتغنت به جع موت الحبّ إلى أنّ كل طرف لا يتحمل الطرف الاخر ويقبل كما هو بشخصيته المتفرّدة ، كلّ طرف يسعى إلى السيطرة على الطرف المقابل ومحاولة أن يتشبه به في كلّ شيء فالإختلاف هنا في مجتمعاتنا ضريبة شاقة يدفعها الطرفين وعادة ما يكون سببا في هدم العلاقة ، لم يفهم الأفراد هنا أن الحوار يمكن أن يخفف من وطأة الإختلافات يلغي الخلاف ، فمازال الأفراد هنا يتهربون من المواجهة مع الاخر وشرح وجهات النظر ، فتنتهي أغلب العلاقات هنا بنوع من الخشونة والقسوة وقليلا جدّا أن تجد عكس ذلك .
حدثني صديقي التونسي بفرنسا عن زواجه الناجح بالفرنسية وعن علاقته بأطفاله المبنية أساسا على ثقافة الحوار ففي كلّ مساء يلتئم شملهم على طاولة المشروبات يتحادثون عن تفاصيل يومهم وتفاصيل مشاريع الغد ، إنتقل ذهني هنا  إلى الاف العائلات هنا وكيف تعيش تفككا أسريا هائلا  لغياب ثقافة الحوار ما بين أفراد العائلة ، فالأب يعتقد أنّه بتوفير الأموال قد قام بمسؤوليته كاملة والأم ينهكها العمل خارج وداخل البيت فتستقيل عن تربية الأبناء  وأما الأطفال يكبرون بمعزل عن أوليائهم وربّما يمرّ عمر طويل لم يفهم فيه الوالد ولده ولا الولد والده كلّه جائز بغياب التواصل والحوار فيما بينهم .

إنّ تغيير المجتمع يبدأ أساسا بنسف البنى الفكرية القديمة المكرسة للتفاوت والتمييز بين الجنسين وأول خطورة في طريق الحريّة يبدأ أساسا من العائلة فإن امن الأب والأم بتقاسم الأدوار داخل وخارج المنزل سيساهم هذا في إنتاج جيل أقل عقد من الأجيال السابقة ربما سيكون سببا في تغيير المجتمع وتحريره من الرواسب الثقافية القديمة . 

كتبت خولة الفرشيشي 



اقرأ المزيد Résuméabuiyad