معرض المواضيع

الأربعاء، 11 يونيو 2014

الإغتصـــــاب كسر لإرادة النساء في بناء دولة المواطنة





قبل أيام قليلة تعرضت تسع نساء بالقاهرة إلى إغتصاب جماعي بميدان التحرير أثناء تنصيب الرئيس الجديد لمصر ، هو نفس الرئيس الذي إحتفت به وسائل الإعلام المصرية والتي قدمته مخلصا لمصر وأهلها "بالمناسبة لست من معارضي السيّد السيسي ولكني من معارضي النظرة التقديسية للأشخاص" ،
إغتصبت تسع نساء كأبشع يكون في دولة تعود إلى حضن الزعيم الأحد الأوحد الذي نصبّ يوم الجريمة رغم أنها عاشت ثورة 25 يناير التي أطاحت برأس النظام السابق ، وكأنّ الأمر إستحال على مصر أن تتخلص من الأبوية التي تتحكم في كل مفاصل البنى الإجتماعية والثقافية والسياسية .


أبيحت أجساد النساء على أيدي المجرمين الذي أرادوا كسر إرادة النساء في التحرر والإنعتاق وفي بناء دولة المواطنة والمساواة  بعد التخلص من الحكم الديني ومن تواجد السلفيين في المشهد السياسي  ومن فتاوي الشيوخ  وكل من حصر المرأة في مجرد وعاء تفرغ فيه الشهوات .. وفي جسد فتنة يثير غرائز الرجال .. ونعود إلى البدء دائما جسد المرأة العورة الشيطاني الذي يطبع وجودها ويلغي عقلها وأفكارها والذي يوظف دينيا وسياسيا وإقتصاديا لخدمة مصالح السلطة . 

ما بين زيارة السيسي وخطابه الحنون وما بين جسد المرأة المغتصب إحدى ضحايا الإغتصاب الجماعي تكمن المقاربة : تقديم المرأة ضحية ضعيفة وتقديم السيسي رجلا نخلصا منقذا  كل هذا يعمّق السلطة الذكورية والحاكمة بإستعمال المرأة كجسد وككائن ضعيف يحب أن يهتم به ، قبل  البحث في أصل المشكلة "خاصة وأن ظاهرة التحرش سابقة لثورة 25 يناير" وتقديم الجناة إلى العدالة وتسليط أقصى العقوبات عليهم .. فترسيخ فكرة الضعف في سيكولوجية النساء لا يولد سوى جرائم الإغتصاب والتحرش والبحث عن حامي وحارس لهن وهو ما ينسف فكرة المواطنة والمساواة ما بين الجنسين ..

إستهداف الجسد الانثوي عقاب للمرأة على أفعالها وعقاب للمجتمع على إختياره السياسي أيضا  ، خاصة وأن تراثنا العربي يحتفل بالعنف ويشرعنه بشكل عادي " اكسر للبنت ضلع يطلع لها اربعة وعشرين " هذا المثل مصري يتداول ما بين الرجال والنساء اللواتي يقبلن بالعنف كطريقة من طرق التربية وهي نفس العقلية التي تطرح الأسئلة لماذا خرجن ؟ وأكيد أنهن لبسن ملابس فاضحة ؟ وغيرها من الأسئلة التي تنال من كرامة المرأة وتبحث عن أعذار للمتحرش  .

ما حدث في مصر معركة يشعلها وقود الذكورية المقيتة سواء الإجتماعية أو السياسية يوظف فيها جسد المرأة لإنتصار الجهل والتخلف بقيادة هذه الثقافة التي تنتعش في أوساط اليمين الديني وأيضا في اليمين العسكري حتى لا تنسف فكرة الصنم المخلص .

في المقابل تعرضت أية في تونس ابنة ال 13 سنة إلى الحرق من طرف والدها لشكه في سلوكها بعد رؤيتها مع زميلها لترحل اية عن الحياة مخلقة حروقا عدّة في قلوب النساء التونسيات اللواتي إستهزأن فيل فترة قصيرة بسعودي قتل إبنته البالغة من العمر 3 سنوات لشكه في سلوكها ..

 توجد الثقافة الذكورية ما بين مصر وتونس والسعودية ولكن يتباين حضورها بين بلد واخر  ولكنها  في الأخير تستهدف النساء لعرقلة بناء دولة المواطنة والديمقراطية .. إنّ هذه الثقافة أشد فتكا من كل الأعداء لانّها تغذي قوتهم في مقابل جهلنا وتخلفنا فقط لأننا نحرم النساء من المواطنة والسبب فكرة رجعية مردّها أن جسد المرأة عورة ويجب إخفاءه وإخفائها من الحياة  .


كتبت خولة الفرشيشي