معرض المواضيع

الثلاثاء، 7 مايو 2013

واقع الحريات بعد 14 جانفي



قامت ثورة 14 جانفي على مطالب اجتماعية لتردّي الأوضاع المعيشية و تفشي الفساد السياسي و المالي في البلاد و بعد إنتخابات 23 أكتوبر وصلت حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية للسلطة بأغلبية امنت بمشروعها الديني قبل برنامجها السياسي,الذي إستهدف فيما بعد بعض النخب المعارضة محاولا إسقاط تجربة النظام السابق بشكل أبشع مستخدما الدين .


لاحظنا في غضون الأشهر الماضية تنامي نزعة التشدد الديني وصلت ببعض مناصري حركة النهضة إلى تكفير الناشطين و المفكرين و محاولة ضرب مدنية الدولة و التعدد الفكري و السياسي لدرجة لم ينتبه لها الشعب التونسي لأن إهتمامه تركز أساسا على المطالب الإجتماعية في ظلّ تدني مستوى المعيشة و غلاء الأسعار .


فقد شهدت صفحات الفايسبوك هجمات شرسة على النخب المثقفة و العلمانية التي تعارض مشروع النهضة السياسي و الثقافي الذي إعتبروه محاولة لبناء ديكتاتورية ناشئة و لعل ما تتعرض إليه الدكتورة ألفة يوسف و الدكتور يوسف الصديق وغيرهم من إنتقادات وصلت إلى الثلب و الشتم و تحريض المواطنين على النيل منهم بتكفيرهم و إعتبارهم أعداء الدين .

كما تعرض رجال الفن إلى هجمات التيار الإسلامي حيث إعتدي على المسرحيين السنة الفارطة ماديا و معنويا من طرف مجموعات سلفية متشددة تكفر الفن و الفنانين و هذا ما تعرض له أيضا معرض الفنون التشكيلية بالعبدلية أيضا و في هذا الإطار نستحضر التخفيض في ميزانية وزارة الثقافة و الترفيع في ميزانية وزارة الشؤون الإجتماعية لهذه السنة .


ولم تسلم المرأة من محاولة تهميشها بعد إثارة قضية المساواة و تقديم مقترح من النهضة أنها مكمل للرجل و ليست بشريك كامل الحقوق و لم ينتهي الجدل القائم إلا بعد مظاهرة حاشدة نظمتها مكونات المجتمع المدني يوم 13 أوت الماضي و التي نفت بعدها النهضة الحزب الحاكم مشروع هذا الفصل .


و غير بعيد عن هذا المشهد العنيف يتعرض الناشطون في المجتمع المدني إلى محاولات هرسلة اخرها إقتحام مقر جمعية الأقليات و إتلاف كل معدّات مقرها وتأتي هذه الحركة بعد حملة تشويه للجمعية و العاملين بها على موقع التواصل الإجتماعي هذا و نذكر سلبية النظام الحالي في التعامل مع كل ما سبق براديكالية و ردع المخالفين.


طبعا لا شك أن المطالب الإجتماعية مهمة جدا لتحسين ظروف المواطن و تحقيق العدالة الإجتماعية و لكن معركة الحريات لا تقل أهمية عن المعركة الإجتماعية رغم محاولات التشويه التي تطال كل المدافعين عنها و التقليل من شأنها و إعتبارها ترفا فكريا لا يلبي مطامح شعب قامت ثورته أساسا على الخبز و الكرامة و لكن تقزيم هذه المعركة أو تجاهلها في الوقت الحالي و نحن مازلنا في حالة حراك يسرّع ببناء ديكتاتورية ناشئة لن تستجيب للمطالب الإجتماعية و لا مطالب الحريات مستقبلا .