معرض المواضيع

السبت، 3 ديسمبر 2011

عندما لا يحلق طائر الفنيق


يرمز طائر الفنيق إلى البعث والحياة من تحت الركام والعدم فهذا الطائر من موته ينبعث من جديد ويحلق من تحت الرماد إلى السماء عاليا ... فكانت هذه الأسطورة رمزا لحركات التحرر من ربق الإستعمار وكانت أيضا رمزا لبعض الأحزاب السياسية المعارضة التي أفلست وتروم العودة بثوب جديد وفق شعارات العصر الديمقراطية وحقوق الإنسان...فاندمج في صلبها عدد -وان كان ضئيلا - من شباب تونس فكان هذا الأخير طائر الفنيق الذي سيبعث الروح في صلب أحزاب متوفاة سريريا .

ولئن شكل دخول عدد من الشباب التونسي إلى المعترك السياسي باب أمل جديد لهذه الأحزاب للإشعاع والإنتشار داخل المجتمع طالما أن صمام الأمان أو شريان الحياة "الشباب" قادر على التغيير وفهم متطلبات الواقع ،فكانت هذه الشعارات التي تبنتها الحركة السياسية للدعوة إلى تشريك الشباب فمستقبل البلاد لا يستقيم دون مشاركة الشباب فكان هذا التحول بمثابة الصحوة بقيمة الشباب .


ولكن نظرياً يمكن أن نحول الجحيم إلى نعيم بفضل اللغة والخطابات الرنانة ويمكن أيضا أن يقنع السياسيون أنصارهم أن الشباب أداة تغيير وتطور ولكن على المستوى التطبيقي نرى تناقضا شاسعا بين الشعارات وبين وضعية الشباب في الأحزاب المعارضة فبعض القيادات تتبنى موقفا إيجابيا في العلن من تشريك الشباب وتشبيب المؤسسات والهياكل الحزبية خاصة أمام كاميرات الفضائيات وعدسات المصورين .

ولكن في الكواليس تنقلب الموازين والمقولات وتنعكس الصورة لتظهر حقيقة المعارضة المأزومة في تعاطيها واستغلالها المفضوح لطاقات الشباب المنخرط في صلبها فعوض المحافظة على هذه الطاقات وتنميتها نرى المحاولات الساعية لتجييش الشباب وفق قوالب جاهزة سواء إيديولوجيا او حسب أهواء الزعيم لحسم المواقف السياسية وفق الأغلبية والتي يكون فيها الشباب مرتهنا لإرادة الفرد عبر الإستزلام المالي أي شراء الذمم أو رشاوي إنتخابية لبعض من الشباب أو الشحن الإيديولوجي للبعض الأخر وهنا تنتفي المصلحة الحزبية أو المصلحة الوطنية.

وتجدر الإشارة إلى تلاعب هذه الأحزاب بالشباب في المجال الإنتخابي حيث كان هذا الأخير ذيلا للقوائم الإنتخابية ومجدرد ملء فراغ لا غير وبالتالي لم تكن المعركة الإنتخابية معركة من أجل الإنتصار بقدر ما كانت رهانا على التمثيلية النسبية والمتأمل في تركيبة الفائزين من المعارضة نجدهم من كبار السن أو أصحاب الإقطاعات السياسية ... وهنا نستحضر ما عاشه أحد الأحزاب في الانتخابات التشريعية 2009 حيث سقطت قوائم شيوخ الحزب فتغير موقف الحزب 180 درجة من المشاركة إلى المقاطعة على حساب قوائم الشباب والتي كانت مرشحة للوصول إلى البرلمان وهذا ما نفسره بخوف القيادات المتهرمة من تحصل الشباب على مراكز قيادية في الحزب وفي الحياة السياسية مما يضعف قرارهم وانحسار سيطرتهم على دواليب المؤسسة الحزبية أو الملكية العائلية كما هم مقتنعون.

ومن خلال ما سبق، نستنتج أن الشباب وقود لإشعال المعارك السياسية أو بيادق لعبة سياسية تتحكم فيها قيادات متهرمة أثبت الزمن إفلاسها منذ أمد بعيد ولعل خروج عدد كبير من قيادات سياسية من أحزابها يقيم الدليل على إنتهاء العمر الإفتراضي لهذه الأحزاب وانتهاء أطروحاتها ومفردات الريكالية والخط الأمامي والمواجهة الزاخرة من مفردات المعسكر الإشتراكي .

وان ظل الشباب في مركز التابع والضلع الأعوج دون التفكر والتدبر في وضعيته ودون فرض رأيه في صلب مؤسسته الحزبية فلن يتغير شيء خاصة وان العالم اجمع يحتفل بالسنة الدولية للشباب فهل سنشاهد في الفترة القادمة انتفاضة شبابية في صلب أحزاب المعارضة يذكرنا بأسطورة طائر الفنيق لبعث الحياة في الساحة السياسية؟

خولة الفرشيشي
 مارس 2010