معرض المواضيع

السبت، 3 ديسمبر 2011

سقطت الحرية ...سقطت الرمزية

  • بعد الرابع عشر من شهر جانفي الفارط بعد الثورة التونسية عدل التونسيون بوصلتهم وفق تاريخ ما بعد 14 جانفي فتغيرت كل المعطيات وتغير المشهد السياسي بأكمله وأصبح فرقاء الأمس حلفاء اليوم لا يهمنا الآن أن نحلل المشهد السياسي لأنه لم يتوضح بعد .
  • ولكن ما يهمنا المعطى التالي وهو تغير عقلية المواطن التونسي مرة واحدة هكذا ودون سابق إنذار من عقلية مدنية إلى عقلية عشائرية تؤمن بالثأر و العنف.
  • ربما لاحظنا هذا بعد مقارنة الوضع التونسي بالوضع المصري تعاطي المواطن المصري مع بلده بكثير من المسؤولية و الولاء فكما كان حاضرا في ميدان التحرير لإسقاط النظام فحقق مراده وبعد ساعات قليلة من إسقاط النظام توجه إلى ميدان التحرير لتنظيفه من رواسب وشوائب الاعتصام في حين ان العاصمة التونسية بقت لأيام بعد الثورة تشكو الإهمال وتراكم الزبالة في أغلب شوارعها وإضراب عمال النظافة ليعوضهم جيشنا الوطني في الاهتمام بنظافة مدن تونس وهو ما يحسب لجيشنا الذي بينت لنا عناصره مدى وطنيتها و ابتعادها عن قسمة الكعكة فوق الطاولة و تحتها أيضا .
  • أصبحت السمة الغالبة على شأننا العام الوطني هي الاضربات و الاعتصام وتحول الشعب الى غاضب لا معارض يرنو إلى تحقيق مطالبه مرة واحدة دون أن يراعي المصلحة الوطنية العليا إن ظل الوضع على ما عليه ولعل بيان البنك المركزي يبين حجم كارثة تنتظرنا إن بقينا على هذا الحال لمدة شهر أخر وتحولت ثورة الفقراء و المهمشين إلى ثورة يتقاذفها الثقفوت مرة و الموظفون مرة أخرى كما استحوذ عليها سياسيون من كل حدب و صوب كما يلاحظ أن انطلاق حشود من شبابنا الى الضفة الأخرى من المتوسط يبين أن الوضع لم يتغير بعد ثورة أطلق عليها ثورة البوعزيزي الشاب الذي احترق غاضبا عن وضعه وما يزال الغضب متواصلا بالحرقة أو الهجرة غير الشرعية من طرف أنداد البوعزيزي بعد أن استثار العجائز بثورة الشباب .
  1. من المؤكد إن الاسترسال في توصيف الوضع العام سيدفع بالقارئ إلى التشاؤم وهذا ليس هدفي ولكن ما حدث اليوم هو امتداد لحالة الفوضى التي ابتدأت بعد 14 جانفي الفارط ولذلك يجب الوقوف عليه كثيرا لأنه منظر غريب و هجين عن ثقافتنا التونسية وهو تجمهر عدد من التونسيين يقال بقيادة حزب التحرير الإسلامي الذين تجمهروا أمام كنيس اليهود بالعاصمة ورفعوا شعارات عنصرية تجاه اليهود ككل وليس ضد الصهيونية التي تبيح قتل العجائز و الأطفال متناسين أن اليهود جزء من نسيجنا الاجتماعي شركاء لنا في الوطن مازالوا بيننا ولم يتركوا البلد حتى بعد نشأة إسرائيل .
  • لا أعرف ماالذي حدث في تونس بالضبط هل هو انقلاب عن وعي وطواعية عن عاداتنا و ثقافتنا التونسية المعتدلة الوسطية التي يضرب بها المثل في العالم أجمع أو هو استعمار جديد في حلة المد الوهابي أو أن الوعي التونسي كان ضحلا و لا يزال ضحلا حتى في مناخ الحرية بعد إسقاط رأس النظام السابق لذلك كانت الحرية أكبر من وعينا التونسي الذي التجأ إلى الفوضى و التخوين إن غرد صوت خارج السرب.
  • أعود إلى حادثة اليوم المثقلة بالرمزية و التي لا تنفصل عن واقعنا المعيش و إن فصلنا الحادثة جزءا جزءا نرى أن هذه المظاهرة كانت اليوم 14 فيفري أي بعد مضي شهر على الثورة التونسية وهو ما يعادل أيضا عيد الحب الذي يحتفل به المسيحيون ونشاركهم نحن المسلمون في الاحتفال به و هو أيضا يعادل ليلة مولد النبي الشريف محمد صلى الله عليه وسلم حدث كل هذا في شارع يطلق عليه لفظ " الحرية " وهو الشارع الذي يضم جامع الفتح ..مبنى الإذاعة ..كنيس اليهود ...الى غيرها من تمظهرات فوقية تعددية تعكس حداثية تونس وتسامح شعبها مع كل الرموز الدينية وغير الدينية في هذا الشارع رفعت فيه اليوم شعارات عنصرية مقيتة من بعض إخوتنا التونسيين ضد إخواننا اليهود التونسيين عن قصد أو غير قصد و الذين يقطنون غير بعيد في منطقة لافيات القريبة من كنيس اليهود وكأن الثورة التونسية أصبحت مصفاة للأخر إن عارضت التوجه العام فستعاقب وتلفظ ويصبح كيل الاتهامات حقا أو باطلا مشروعا وجاهزا حسب فداحة رأيك و ليس فداحة خطئك للأسف .
  • اليوم ما حدث في شارع الحرية أسقط اسم الحرية عن ذاك الشارع كما أسقط الرمزية وهنيئا لطيور الظلام و لمن أرادهم أن يكونوا بيننا 
lundi 14 février 2011, 21:03